ترجمة الفصل الاول
· في صباح يوم
مشمس, كنت أتناول الإفطار في غرفة الطعام في منزل أخي وأفكر فيما سأفعله ذلك
الأسبوع عندما دخلت الحجرة زوجة أخي, روز. قالت روز, "رودولف, أنت الآن تبلغ من العمر تسع
وعشرون عاما, ألا تنوي أبدا أن تفعل شيئا مفيدا؟" فأجبتُ وأنا أضع ملعقة
البيض على المنضدة, " لماذا ينبغي عليّ أن أفعل أي شيئ يا روز؟ أنا أمتلك
من المال تقريبا ما يكفي لعمل أي شيئ أريده (بالطبع لا أحد يمتلك مطلقا مالا
كافيا لعمل ذلك), كما أنني أتمتع بمركز مرموق في المجتمع, فأخي هو اللورد
بيرلسدون وأنت كونتيسة."
· فقالت روز, "ولكنك
لم تفعل أي شيئ عدا ......" قاطعتها قائلا, "عدا أن أكون كسولا؟ هذا حقيقي.
فأنا أحد أعضاء عائلة راسيندل وعائلتنا ليست بحاجة إلى القيام بعمل أي شيئ."
هذا الكلام أغضب روز حيث أن عائلتها كانت غنية ولكنها لم تكن عائلة مرموقة كعائلة
راسيندل. في هذه اللحظة, دخل إلى الحجرة أخي اللورد بيرلسدون (الذي كان يسعدنا أن
نناديه ببساطة باسم روبرت), فصاحت روز, "روبرت, أنا سعيدة للغاية بعودتك."
فسألها روبرت, "ما الأمر يا عزيزتي؟" فشرحتُ الأمر لأخي قائلا,
"إنها غاضبة لأنها تعتقد أنني لا أقوم بعمل أي شيئ."
· عند هذه
النقطة, يجب أن أشرح أنني لم أكن كسولا طوال حياتي, فأنا درستُ على نحوٍ جاد
وتعلمت الكثير عندما كنت في مدرسة ألمانية وجامعة ألمانية. وتحدثتُ الألمانية
بالإضافة إلى الإنجليزية, وكذلك تعلمتُ كيف أتحدث الفرنسية والإيطالية والأسبانية.
وكنت ماهرا في التصويب بالمسدس وكنت مبارزا قويا بالسيف, كما أنني كنت بارعا جدا
في ركوب الخيل.
· قالت روز,
"إن شعرك الأحمر ليس هو فقط ما يجعلك مختلفا عن أخيك, فهو يدرك أيضا أن
مركزه في المجتمع له مسئوليات. أما أنت فترى في مركزك الإجتماعي الفرص فقط."
فقلت لها مفسّرا, "بالنسبة لرجل مثلي, الفرص تعتبر مسئوليات."
فقالت روز, "هذا جيد, لأن عندي بعض الأخبار لك. أبلغني السيد جاكوب
بوروديل أنه سيعرض عليك فرصة حقيقية. فهو سيصبح سفيرا في خلال ستة أشهر, وهو يقول
أنه يسعده أن تعمل معه. أتمنى أن تحصل على هذه الوظيفة يا رودولف."
· زوجة أخي
لها أسلوب تطلب به من الآخرين عمل الأشياء من المستحيل رفضه. علاوة على ذلك, كان
في اعتقادي أن هذه الوظيفة مثيرة للاهتمام للغاية, لذلك قلت, "إذا كنتُ في
خلال ستة أشهر في وضع يجعلني أحصل على هذه الوظيفة, فأنا بالتأكيد سأقبلها."
فقالت روز, "إنه شيئ رائع منك يا رودولف." فسألتها قائلا, "وأين
سيعمل؟" فقالت, "السيد جاكوب لا يعرف في أي دولة سيكون العمل,
ولكنه متأكد أنها ستكون سفارة جيدة." فقلت, "سوف أحصل على هذه
الوظيفة لأجل خاطركِ أنتِ حتى ولو كانت سفارة في غاية السوء."
· الآن قطعتُ
وعدا على نفسي أمام روز, ولكن كان هناك ستة أشهر للانطلاق قبل أن أبدأ الوظيفة.
وبدأت أفكر فيما يمكن أن أفعله في هذه المدة. قررتُ أن أزور روريتانيا, وهي دولة
صغيرة في وسط أوروبا. عائلتي كانت دائما مهتمة بهذه الدولة لأنه في عام 1733 تزوجت
الكونتيسة أميليا راسيندل من أحد أعضاء العائلة المالكة لدولة روريتانيا, عائلة إلفبرج.
في الواقع, يضع أخي لوحات للكونتيسة وأحفادها على جدران منزله. يوجد لدى الكثيرين
منهم نفس الشعر الأحمر والأنف المستقيمة التي يتسم بها أفراد عائلة إلفبرج. أنا
آخر فرد في عائلتي له نفس شكل العائلة المالكة لروريتانيا.
· حدث شيئ
بعدها بأيام قليلة دعّم قراري بالسفر إلى روريتانيا, فقد قرأت في جريدة التايمز أن
رودولف الخامس كان سيصبح ملكا على روريتانيا في خلال الأسابيع الثلاثة القادمة,
وأنه تم الإعداد لاحتفالات رائعة بهذه المناسبة السعيدة. فكرتُ أن مشاهدة مثل هذا
الحدث سيكون شيئا رائعا, وبدأتُ أعدّ لرحلتي. أنا لا أحب أن أخبر أحدا عن الأماكن التي أذهب إليها في
رحلاتي, لذلك فقد أخبرتُ روز أنني ذاهب لممارسة رياضة المشي في جبال الألب. ولأنني
لم أكن أريدها أن تعتقد أنني كنت كسولا أيضا, فأخبرتها أنني أنوي تأليف كتاب عن
المشكلات الاجتماعية في الريف.
· قالت روز,
"هل تنوي تأليف كتاب؟ هذا سيكون شيئا جيدا تقوم به, أليس كذلك يا روبرت؟"
فوافقها روبرت الرأي قائلا, "نعم, بالطبع. إن تأليف كتاب هو أفضل طريقة
للانخراط في السياسة." بالتأكيد روبرت يعرف ذلك حيث أنه شخصيا قام بتأليف
العديد من الكتب.
فقلت لهما,
"معكما حق." وبالرغم من ذلك, لم تكن لديّ نية أن أقوم بتأليف
كتاب حقا, وهذا يبين أن معرفتنا بالمستقبل ضئيلة للغاية. فها هو أنا الآن أقوم
بتأليف كتاب كما وعدتُ, على الرغم أن هذا الكتاب لا علاقة له بالمشكلات الاجتماعية
في منطقة الألب. ولكن اسمحوا لي أن أبدأ بالحديث عن بداية رحلتي إلى روريتانيا.
· كان عمي
ويليام يقول دائما أنه لا ينبغي على أي شخص أن يمر على باريس دون أن يقضي بها أربع
وعشرين ساعة, لذلك عملتُ بنصيحته وحجزتُ ليلة في فندق كونتيننتال. بمجرد وصولي
للفندق, زرت بعض أصدقائي القدامى الذين أعرفهم في العاصمة الفرنسية وهما جورج
فيذرلي, الذي كان يعمل بالسفارة, وبرترام برتراند, الذي كان الآن صحفيا شهيرا في
باريس. ذلك المساء, تناولنا الطعام في أحد المطاعم, وأخبروني بكل الأحداث المثيرة
التي وقعت مؤخرا في باريس.
· قال برترام,
"لقد كان هناك القليل جدا من المشاهير الذين قاموا بزيارة باريس مؤخرا." فسألته, "هل بينهم أي شخص
أعرفه؟" فأجاب برترام, "حسنا, أنا قابلتُ أنطوانيت دو موبان
اليوم, ربما تكون قد سمعتُ عنها. إنها سيدة نبيلة تشتهر بثروتها وتطلعاتها, ولكنها
سوف تغادر باريس اليوم ولا نعرف إلى أين ستكون وجهتها القادمة." فسألته,
"ولماذا جاءت إلى باريس؟" فقال جورج, "كانت ضيفة عند دوق
ستريلسو. أنا قابلته في السفارة بالأمس. إنه الأخ غير الشقيق لملك روريتانيا. يقول
الناس أنه كان الابن المفضل لدى أبيه. ولقد عاد لحضور حفل التتويج بالرغم أنني لا
أعتقد أنه سيكون مستمتعا بهذه المناسبة لأنه يودّ لو أنه هو الملك. أنا لا أعتقد
أنه يحب أن يكون مجرد دوق." وقال برترام, "ورغم ذلك أنا سمعت أنه
رجل ماهر." فوافقه جورج قائلا, "أتفق معك تماما أنه ماهر للغاية."
· في اليوم
التالي, أتى جورج معي إلى المحطة واشتريت تذكرة إلى محطتي التالية مدينة دريزدن.
لم أخبر جورج أنني كنت ذاهبا إلى روريتانيا, لأنني لو فعلتُ ذلك لانتقل الخبر على
الفور إلى برترام ومن ثم لانتقل إلى كل الصحف في غضون أيام.
· بينما كنت
على وشك ركوب القطار, ابتسم جورج فجأة وذهب ليتحدث مع امرأة جميلة وطويلة القامة
ترتدي ملابس عصرية تبلغ من العمر حوالي ثلاثين عاما, والتي كانت تقف عند مكتب بيع
التذاكر مع امرأتين شابتين, كانتا في تقديري خادمتين لها. عندما عاد جورج بعد
دقائق قليلة قال لي, "إنك ستسافر مع إحدى الشخصيات المرموقة. إنها
أنطوانيت دو موبان وهي أيضا متجهة إلى دريزدن."
· سريعا,
تركنا باريس خلفنا. كانت الرحلة طويلة ومملة وتساءلت إذا كنت سأرى أنطوانيت دو
موبان في عربة الطعام عندما أتناول طعامي في القطار ذلك المساء, أو ربما أراها وقت
الإفطار في الصباح التالي. ومع ذلك لم أر السيدة مرة أخرى حتى اليوم التالي عندما
صعد كلانا إلى القطار المتجه من دريزدن إلى روريتانيا. ولكنها كانت تبعد عني
بمسافة في القطار فلم تراني.
· بعد ساعات
قليلة, وصل القطار إلى حدود روريتانيا حيث توقفنا لكي يفحص الحراس جوازات سفرنا.
اندهشتُ عندما حدّق الحراس في وجهي وفي جواز سفري لبعض الوقت قبل أن يسمحوا لي
بدخول البلد. بمجرد أن دخلتُ روريتانيا, اشتريت جريدة وقرأت فيها أن حفل تتويج
الملك كان سيتم في خلال يومين. هذا التوقيت كان مبكرا جدا عمّا كنت أعتقد. وصفت
الجريدة حالة الإثارة الموجودة في الدولة لا سيّما في العاصمة ستريلسو, حيث قالت
الجريدة أن كل الفنادق كانت تمتلئ بالأشخاص الذين كانوا يريدون مشاهدة هذه المناسبة.
· عندما قرأتُ
ذلك, قررتُ أنه من الأفضل أن أتوقف في زندا, وهي مدينة صغيرة تبعد ثمانين كيلومترا
عن العاصمة, وحوالي عشر كيلومترات عن الحدود. في هذه المدينة أستطيع أن أتمشى في
التلال وأشاهد القلعة الشهيرة بالمدينة, ثم أركبُ القطار في ذات اليوم إلى ستريلسو
لأشاهد حفل التتويج. بينما كنت أهبط من القطار في زندا, رأيتُ أنطوانيت دو موبان
التي ظلّت في القطار لتواصل الرحلة إلى العاصمة, ولكنها لم تنظر إليّ.
· رحّبت بي في
الفندق الريفي امرأة عجوز التي كانت تديره مع ابنتيها. قالت لي أنها لم تكن مهتمة
بما يحدث في العاصمة ولكنها كانت تحب دوق ستريلسو الذي كانت تطلق عليه الدوق
مايكل. إنه كان الرجل المسئول عن الأرض داخل زندا والقلعة الموجودة بها. في
الحقيقة, كانت صاحبة الفندق تتمنى لو أن الدوق كان هو الملك الجديد وليس أخيه.
· شرحت المرأة
قائلة, "نحن جميعا نعرف الدوق مايكل, فهو كان دائما يعيش في روريتانيا
ويهتم بأمر شعبها, ولذلك يحبه الناس. أما بالنسبة للملك, حسنا, إنه تقريبا غريبٌ
عنا. فقد قضى معظم حياته خارج البلاد كما أن الكثير من الناس لا يعرفون حتى شكله.
الآن الملك يقيم في كوخ يستخدمه عند الصيد في الغابة, وهو قريب جدا من زندا, وسوف
يسافر من هناك إلى العاصمة من أجل تتويجه."
· كنت مهتما
لسماع ذلك وقررتُ أن أمشي في الغابة في اليوم التالي لعلّي أراه. واصلت المرأة
كلامها قائلة, "أتمنى لو أنه يبقى هناك في الغابة. الناس يقولون أنه يحب
فقط الصيد والطعام الجيد. يجب عليه أن يسمح للدوق أن يصبح ملكنا الجديد, وهناك
الكثير من الناس الذين لديهم نفس الرأي." فقالت ابنتها الكبرى, "حسنا,
أنا لا أحب الدوق مايكل. إنهم يقولون أن الملك له شعر أحمر مثلك تماما."
فقلت ضاحكا, "الكثير من الرجال لديهم شعر أحمر مثلي." سألت المرأة العجوز ابنتها, "كيف علمتِ أن الملك
شعره أحمر؟" فشرحت لها الابنة, "أخبرني بذلك جوهان, خادم الدوق,
فقد شاهد الملك عند كوخ الصيد."
· سألتهما
قائلا, "لماذا يتواجد الملك هنا إذا كانت هذه هي أرض الدوق؟"
فشرحت السيدة العجوز, "لقد قام الدوق بدعوته يا سيدي. الدوق موجود في
ستريلسو ليقوم بالإعداد لحفل التتويج." فقلتُ, "هما صديقان إذا؟"
فردّت العجوز, "لا أعرف إذا كان من الممكن أن تكونا صديقين إذا كنتما
تريدان نفس الشيئ." قلت لها, "ماذا تقصدين؟" فقالت,
"أنا واثقة أن الدوق مايكل يودّ أن يكون الملك أيضا." فقلتُ,
"حسنا, أنا أشعر بالحزن تماما على الدوق, ولكن من حق الأخ الأكبر أن يصبح
هو الملك."
· قال صوت
جهير من خارج الباب, "من الذي يتحدث عن الدوق؟" فقالت السيدة
العجوز عندما دخل رجلٌ الحجرة, "عندنا أحد الضيوف يا جوهان."
عندما رآني الرجل, خلع قبعته وتراجع خطوة للخلف مندهشا كما لو أنه رأى شيئا مذهلا.
فسألته السيدة العجوز, "ماذا بك يا جوهان؟ لقد حضر هذا السيد النبيل إلى
بلدنا ليشاهد حفل التتويج." فقالت إحدى بناتيها, "إنه مندهش من
الشعر الأحمر. نحن لا نرى الشعر الأحمر كثيرا في بلدنا إلا إذا كنت جزءا من عائلة
الملك, عائلة إلفبرج. الكثير منهم شعره أحمر."
· استمر الرجل
في التحديق في, ولكنه قال, "مساء الخير يا سيدي. أنا آسف, فلم أكن أتوقع
أن أرى أي ضيوف جدد هنا." فقلت له, "لا عليك. الوقت تأخر وحان
موعد نومي. طابت ليلتكم جميعا. شكرا لكم سيداتي على محادثتنا." وقفت لكي
أذهب إلى غرفتي عندما قال جوهان فجأة, "سيدي, هل سبق لك رؤية ملكنا؟"
فقلت له, "لا, لم يسبق لي رؤيته مطلقا, ولكني آمل أن أفعل ذلك يوم
الأربعاء في حفل التتويج." لم يقُل جوهان أي شيئ آخر, ولكني شعرت أنه
يحملق في ببصره بينما كنتُ أصعدُ درجات السلّم.
· في الصباح
التالي, بدا جوهان أقل توترا بكثير. عندما علم أنني ذاهب إلى ستريلسو قال أن
بإمكاني أن أقيم في منزل شقيقته التي كانت متزوجة من أحد التجار الأثرياء ودعت
جوهان للبقاء معهما لحضور التتويج, لكنه لم يتمكن من الذهاب. كنتُ سعيدا للغاية
بهذه الفرصة وقبلتُ ذلك العرض. قال لي جوهان أنه سيتصل بشقيقته على الفور ويطلب
منها أن تنتظرني في ذلك اليوم.
· رغم ذلك,
قررت أنني مازلت أرغب في مشاهدة الغابة التي كان يقيم فيها الملك, لذلك خططتُ في
البداية أن أمشي عبر الغابة لمسافة ستة عشر كيلومترا على طول الطريق حتى المحطة
التالية حيث يمكنني أن أركب قطارا إلى العاصمة. لم أخبر جوهان بهذا الترتيب لأنني
لم أكن أعتقد أن وصولي إلى منزل شقيقته متأخرا ذلك اليوم شيئا ذا أهمية. لذلك,
أرسلتُ حقائبي إلى المحطة وودعتُ السيدة العجوز وابنتيها ثم بدأتُ الرحلة صعودا
إلى التل باتجاه القلعة. بعد ذلك, كانت هناك مسافة قصيرة أقطعها سيرا على الأقدام
حتى أدخل الغابة.
· بعد ذلك
بنصف ساعة, وصلتُ إلى القلعة. كانت قديمة جدا ولكن كان بناؤها متينا, ويحيطها خندق
مائي من كل الجوانب. خلف القلعة كان هناك قصر حديث والذي كان يستخدمه دوق ستريلسو
كمنزله الريفي. كان يتم الوصول إلى القصر بواسطة طريق عريض, ولكن كان يمكن الوصول
إلى القلعة القديمة فقط عن طريق جسر متحرك يربط بين القلعة والقصر. كنتُ سعيدا
عندما رأيتُ أن الدوق يمتلك مثل هذا المنزل جيد التحصين على الرغم أنه لن يصبح
الملك.
· وصلتُ إلى
الغابة المظلمة بسرعة ومشيت فيها لمدة ساعة تقريبا. كنت مسرورا لأن الأشجار
العالية كانت تمنحني ظلا يبعث على البرودة, فلم تكن الشمس تصل كثيرا إلى الأرض
بسبب أوراق الأشجار الكثيرة. كان المكان جميلا, وبعد فترة من الوقت, قررتُ أن
أستريح متكئا على إحدى الأشجار الضخمة. كان الجو هادئا جدا ويبعث على الطمأنينة في
الغابة لدرجة أنني دخلتُ في سُبات عميق, ونسيت كل شيئ بخصوص القطار الذي كان عليّ
أن أركبه إلى ستريلسو, وكذلك حقائبي التي كانت تنتظرني في المحطة. كنتُ أحلم في
منامي أنني أسكن في قلعة زندا عندما استيقظت على صوتٍ ما يقول, "يا للعجب,
أنظر إليه! هذا مذهل! أنه يشبه الملك تماما!"
· فتحتُ عيني
ببطء ووجدتُ رجلين ينظران إلي. كان يحمل كلا منهما بندقية ويرتديان ملابس الصيد.
كان أحدهما قصيرا ولكنه بدا قوي البنية تماما, وكان لون عينيه أزرق فاتح, وكان
يبدو وكأنه جندي. أما الآخر فكان أصغر عمرا, ونحيفا ومتوسط الطول, وكان يشبه
النبلاء. واكتشفت فيما بعد أن تخميناتي عن كليهما كانت صحيحة.
· اقترب مني
الرجل الأكبر سنا ورفع قبعته لي بأدب, فوقفتُ على قدميّ. قال الرجل, "إنه
تقريبا في نفس طول الملك أيضا, إن هذا شيئ مذهل حقا. ما اسمك يا سيدي؟"
فسألتهما, "لعلكما تخبراني باسميكما أولا؟" فتقدم الرجل النبيل
خطوة وهو يبتسم وقال, "بالطبع, هذا هو العقيد سابت, وأنا أدعى فريتز فون
تارلنهايم. كلانا يعمل لدى ملك روريتانيا."
· صافحتهما
وقلتُ لهما, "اسمي رودولف راسيندل. أنا مسافر وقادم من إنجلترا وكنت ضابطا
في جيش الملكة." فقال تارلنهايم, "حسنا, نحن ضابطان لدى ملكنا,
إذا فنحن نفهم بعضنا جيدا." قال العقيد سابت بهدوء, "راسيندل, راسيندل, أنا
أعرف ذلك, هل أنت أحد أفراد بيرلسدون؟" فشرحتُ له, "أخي هو اللورد بيرلسدون الجديد."
ثم سألتهما, "هل أنا بالفعل أشبه الملك؟" فقال فريتز, "ربما
تكونا توأمين." وقال سابت ضاحكا, "على الرغم أنكما كالتوأمين
المتماثلين إلا أنكما لستما متماثلين في الشخصية أو في المهارات. أنتما تبدوان
مختلفين تماما. فإذا كنتَ ضابطا في جيش الملكة يا راسيندل, فأنت بالتأكيد بارع في
المبارزة بالسيف."
· سألتهما,
"أليس الملك رجل مقاتل؟" فقال فريتز, "الملك يحب أن يعيش
بشكل جيد. يمكن أن نقول أنه يفضل تناول الطعام أكثر من خوض المعارك, ولكنه رجل
عطوف وهو ملكنا, ونحن على استعداد أن نفعل أي شيئ من أجله." فقلتُ لهما,
"إذا ربما نكون متشابهين لأنني أحب أن أعيش الحياة السهلة أيضا."
في هذه اللحظة, جاء صوت من بين الأشجار خلفنا يقول, "فريتز, أين أنت يا
فريتز؟" بدا القلق على فريتز, ثم قال لي بصوت هادئ, "إنه الملك,
إنه قادم إلى هنا الآن."
· ثم ظهر شاب
من خلف إحدى الأشجار في الغابة ووقف أمامنا. عندما نظرت إليه, صدرت مني صرخة عالية
في نفس الوقت الذي تراجع هو فيه للخلف في حالة ذهول من رؤيتي. فباستثناء وجود
اختلاف في الطول بمقدار سنتيمتر أو اثنين, كنا نبدو متماثلين تماما لدرجة أنه من
الجائز أن يكون ملك روريتانيا هو أنا, رودولف راسيندل, كما أن من الجائز أن أكون
أنا هو, ملك روريتانيا.
ترجمة الفصل الثانى
· كان شعورا
غريبا بالنسبة لي أن أكون واقفا في إحدى الغابات في دولة روريتانيا أمام شخص
يشبهني تماما. وقفتُ أنا وملك روريتانيا القادم لبضعة دقائق ننظر إلى بعضنا
البعض في صمت, ثم انحنيتُ لتحيته, وتكلم
هو أخيرا.
· قال الملك,
"أيها العقيد, فريتز, من هذا السيد النبيل؟" كنتُ على وشك أن
أجيب عندما تقدم العقيد سابت خطوة للأمام وتحدث مع الملك بهدوء. بينما العقيد كان
يتحدث, كان ينصت له الملك بتفهم وكان يحدّق في بين الحين والآخر. بينما كانا
يتحدثان, كنت أفحص الملك بدقة. بالتأكيد كان يشبهني بدرجة كبيرة على الرغم من وجود
بعض الاختلافات بيننا, ففمه كان أقل عرضا, ووجهي كان أنحف قليلا, ولكن بوجه عام
كنا متماثلين.
· توقف العقيد
سابت عن الحديث, وفجأة بدأ الملك يضحك بصوت عالٍ, ثم تقدم خطوات ناحيتي وهو مازال
يضحك وقال, "أنا سعيد بمقابلتك يا ابن العم. أرجو أن تسامحني لأن الدهشة
كانت تبدو عليّ, فأنت لا تقابل مثيلك كل يوم." فقلت, "أرجو ألا
يكون ذلك أغضبك." فقال, "سواء أحببتُ ذلك أم لا, فلا مفر من أن
تكون شبيها لي. أنا لستُ غاضبا, ويسعدني أن أقدم لك مساعدة, إلى أين أنت مسافر؟"
فقلت, "إلى ستريلسو, أنا ذاهب إلى حفل التتويج." نظر الملك إلى
الرجلين الآخرين وابتسم ثم صاح قائلا, "ما الذي سيخطر ببال أخي مايكل إذا
رآنا نحن الاثنين معا."
· قال فريتز
فون تارلنهايم, "ولكن يا سيدي, أنا لا أعتقد أنها ستكون فكرة جيدة أن يذهب
السيد راسيندل إلى ستريلسو الآن." فسأل الملك العقيد سابت, "حقا؟
ما رأيك؟" فقال الضابط الكبير سنا, "أنا أتفق مع فريتز. لا يجب
أبدا أن يذهب راسيندل إلى هناك." فقلتُ, "لا عليك يا سيدي, أنا
متفهم المشكلة. سوف أغادر روريتانيا اليوم." فقال الملك, "لا
داعي أن تغادر اليوم. من فضلك, لابد أولا أن تتناول معي الطعام الليلة. أنت لا
تقابل ابن عم جديد كل يوم."
· قال العقيد
سابت, "تذكر يا سيدي أن يومنا سيبدأ مبكرا غدا." فقال الملك,
"ومع ذلك يمكننا أن نأكل جيدا, كما أن الطعام الجيد أهم من النوم. يا سيد
راسيندل, ما اسمك الأول؟" فأجبتُ وأنا أنحني له مرة ثانية, "هو
نفس اسمك." فقال, "تعالى إذن يا ابن العم رودولف. أنا لا أمتلك
منزلا هنا, ولكني أقيم في المكان الذي يستخدمه أخي مايكل أثناء الصيد. إنه ليس
كالقصر الذي اعتدت عليه, ولكنه يفي بالغرض لبضعة أيام." وهكذا, قمتُ بالسير مع الملك لمدة
نصف ساعة عبر الغابة نتحدث بلا تكلّف حتى وصلنا إلى كوخ خشبي صغير يُستخدم عند
الصيد ويقع بين الأشجار. خرج خادم الملك الشخصي لملاقاتنا. كانت الخادمة الأخرى هي
والدة جوهان, الرجل الذي قابلته في الفندق الريفي.
· سأل الملك
الخادم, "هل العشاء جاهز يا جوزيف؟" ردّ الخادم بالإيجاب,
ورافقنا إلى غرفة الطعام حيث كانت هناك منضدة معدّة وعليها كمية وفيرة من الطعام.
كنتُ جائعا بعد المسافة التي قطعتها سيرا على الأقدام, لذلك أكلتُ كثيرا من الطعام
الذي كان شهيا. ولكني لاحظتُ أن العقيد سابت وفريتز فون تارلنهايم لم يرغبا في
تناول الكثير بسبب الفعاليات التي ستحدث في اليوم التالي. شرح لي فريتز قائلا,
"سوف نغادر أنا والعقيد سابت هنا في السادسة من صباح الغد. سنمتطي خيولنا
إلى زندا ثم نعود ومعنا أحد الجنود الحراس لنصطحب الملك إلى محطة القطار."
قال الملك, "إنه شيئ طيب جدا من أخي أن يسمح لي باستخدام حرّاسه. ولكن يا
رودولف, لا تشغل بالك بهذين الرجلين! فنحن لسنا بحاجة إلى الاستيقاظ مبكرا على هذا
النحو. إذا, تناول المزيد من الطعام يا ابن العم!"
· واصلنا
تناول الطعام وواصل جوزيف إحضار المزيد منه. قال الخادم وهو يضع أمامنا بعض الكعك,
"قال لي الدوق أنه يجب عليّ أن أقدم لك هذا في نهاية وجبتك."
فقال الملك سعيدا, "أحسنت صنعا يا مايكل. إنه يعرفني جيدا." ثم
أكل الكعك بنهم كما لو كان هو أول شيئ يأكله طوال اليوم. أنا أكلت كعكة واحدة فقط
حيثُ كنتُ قد أكلتُ ما يكفي بالفعل. وعندما بدا أن الملك قد فرغ أخيرا من الطعام,
طلبتُ أن أذهب للنوم. هذا كل ما أتذكره في ذلك المساء.
· الشيئ
التالي الذي أتذكره هو أنني استيقظتُ فجأة وقد غطى الماء وجهي. رفعتُ رأسي لأعلى
فرأيتُ العقيد سابت يقف أمامي وبجواره فريتز فون تارلنهايم, فقلت عندما أدركت أن
العقيد قد نثر الماء فوقي, "لم يكن هذا شيئا مضحكا." فقال سابت,
"لم تكن هناك أي وسيلة أخرى لتوقظك من النوم. الساعة الآن الخامسة."
فقلت, "الخامسة؟ ولكن الوقت مبكر و..." فقال فريتز بصوت يبدو
عليه القلق, "راسيندل, يجب أن تأتي وتنظر إلى هذا." وأخذني من
ذراعي وقادني حتى الغرفة التالية. كان الملك ملقى على الأرض ولون وجهه أحمر ويتنفس
بصعوبة.
· شرح فريتز
لي قائلا, "نحن نحاول إفاقته منذ نصف ساعة ولكننا لم نستطع."
انحنيتُ إلى أسفل وقمتُ بجس نبضه فوجدته ضعيفا وبطيئا للغاية. قلتُ لهما, "إنه
بالتأكيد ذلك الكعك الذي أكله الليلة الماضية. هل تعتقدان أنه تعرّض للتسمم؟"
فقال سابت, "لا نعلم. يجب أن نحضر طبيبا." فقال فريتز, "لا يوجد
طبيب لمسافة خمسة عشر كيلومترا, وحتى لو هناك ألف طبيب فلن يستطيعوا شفائه اليوم."
فصرختُ قائلا, "ولكن ماذا عن حفل التتويج؟" فقال فريتز, "علينا
أن نخبر شعب روريتانيا بأنه مريض." قال سابت, "لو لم يتم تتويجه
اليوم, فلا أعتقد أنه سيكون ملكا بعد ذلك على الإطلاق." فسألته,
"ولكن لماذا؟" فقال سابت, "الدولة كلها تنتظره اليوم. ومعظم الجيش,
الذي يقوده الدوق مايكل, يترقب أيضا, إنهم لن يكونوا سعداء بذلك."
· قال فريتز
وهو ينهض استعدادا للمغادرة, "يجب أن نخبر الجميع بما حدث ونستغل ذلك
لصالحنا." فأوقفه سابت الذي سألني, "هل تعتقد أنه تم دس السم له؟"
فأجبته بأنني أعتقد ذلك, فتساءل, "إذا من الذي فعل ذلك؟" فأجاب
فريتز غاضبا, "إنه بالتأكيد الدوق مايكل." فاستطرد سابت قائلا,
"نعم, إنه فعل ذلك حتى لا يمكن تتويج أخيه. أنت لا تعرف شخصية الدوق يا
راسيندل, أليس كذلك؟ لو لم يصبح رودولف ملكا, فسوف يستولي الدوق مايكل على التاج." جلسنا جميعا صامتين نفكر فيما يمكننا
عمله. ثم نهض سابت فجأة وقال بحماس وهو ينظر لي, "عندي فكرة. لقد كان من
حسن الحظ أن نقابلك بالأمس, لأنك تستطيع أن تذهب إلى ستريلسو لكي يتم تتويجك!"
· قلتُ ضاحكا,
"أنا؟ هذا مستحيل. سيلاحظ الناس أنني لستُ الملك, ولا تنسى أنني إنجليزي."
فقال فريتز, "من السهل أن نغض الطرْف عن ذلك لأن لغتك الألمانية ممتازة,
وإذا قمنا بإلباسك ملابس مختلفة, لن يعرف أحد." قال سابت, "لو لم
تذهب إلى ستريلسو, سيصبح الدوق مايكل ملكا الليلة, والملك إما أن يموت أو يتم الزج
به في السجن." فقلت, "أنا متفهم ما تقولان, ولكن لن يغفر لي
الملك مطلقا إذا..." فصرخ سابت مقاطعا, "إن بلدنا تحتاج ذلك."
فوقفتُ, ومشيتُ في أنحاء الحجرة في صمت. أصدرت ساعة الحائط تكاتها ستين مرة, ثم
وصل العدد إلى سبعين, فثمانين. نظرتُ إلى الملك المسكين الملقى على الأرض وأدركتُ
أنه ليس أمامي بديل آخر. قرأ سابت تعبير وجهي بوضوح لأنه ابتسم حتى قبل أن أقول
بهدوء, "حسنا جدا, سأذهب."
· قال سابت,
"لن ننتظر حراس مايكل, بل سنغادر إلى ستريلسو في الحال. يمكن أن نخبئ
الملك في القبو, بحيث عندما يصل الحراس يعتقدون أنه لا يوجد أحد هنا."
فسأله فريتز, "ماذا لو قاموا بتفتيش المبنى؟" فقال سابت, "سوف
يقول لهم جوزيف أنه لا يوجد أحد في كوخ الصيد. هذه هي فرصتنا الوحيدة."
فسألتُ, "كيف سنأخذ الملك إلى ستريلسو؟" فقال سابت, "الليلة,
نبيتُ في القصر وبمجرد أن نصبح بمفردنا في حجرة نوم الملك, أنا وأنت نغادر عائدين
إلى هنا على ظهر الخيل. فريتز سيبقى في القصر ليحرس حجرة نوم الملك, وأنا سأبلغ
جوزيف أن يجهز الملك لرحلة العودة. بعد ذلك سيعود الملك معي في الظلام إلى القصر.
وفي هذه الأثناء, تمتطي أنت الجواد بأسرع ما يمكنك لتصل إلى الحدود وتحاول أن
تغادر البلد قبل طلوع النهار. هل نحن جميعا موافقون على هذه الخطة؟" فقلت
له أنني موافق, وقال فريتز, "إنها خطة جيدة."
· سابت وفريتز
قاما برفع الملك وحمله إلى خارج الحجرة, ولكننا أدركنا أن والدة جوهان كانت
تراقبنا ونظرت لنا وعلى وجهها تعبير غريب قبل أن تنصرف. قال سابت, "أعتقد
أنها سمعتنا. بعد أن نقوم بنقل الملك, سوف أتحدث معها." في هذه الأثناء,
بدأ جوزيف يساعدني في ارتداء بعض ملابس الملك. عندما عاد فريتز, نظر إلي وقال,
"أعتقد أننا سننجح." فسألته, "ماذا حدث لوالدة جوهان؟"
فقال, "تم احتجازها في القبو مع الملك. سوف يطلق جوزيف سراحها فيما بعد,
بعد مغادرة مايكل. ولكني متأكد أنهم عندما يجدوا أن الملك غير موجود هنا, سيُدرك
مايكل أننا نعرف خطته." قال سابت عندما عاد إلى الحجرة, "هيا بنا
نغادر." فسأله فريتز, "هل كل شيئ آمن هنا؟" فأجاب سابت,
"لا, لا شيئ آمن في أي مكان, ولكن يجب علينا بذل قصارى جهدنا."
· كنا جميعا
الآن نرتدي الزي الرسمي, وبدأنا الرحلة على ظهر الخيل. كان صباحا باردا, وبدأ سابت
على الفور يحكي لي قصة حياة الملك. حكى لي عن عائلته والأشياء التي يحبها
واهتماماته ونقاط ضعفه وأصدقائه وخدمه. وأخبرني كيف يجب أن أتصرف في القصر, وقال
أنه سيكون دائما إلى جواري ليحدثني عن الأشخاص الذين سوف أقابلهم. سريعا, وصلنا
إلى المحطة. قال فريتز لحارس المحطة الذي بدا مندهشا أن الملك قد غير خططه, وصعدنا
إلى القطار متجهين إلى العاصمة. نظرتُ في ساعتي, أو يجب أن أقول في ساعة الملك,
وسألت فريتز إذا كان يعتقد أن الدوق مايكل قد وجد الملك, فقال, "أتمنى ألا
يكون قد حدث ذلك." بعد وقت قصير مررنا بأبراج ومباني العاصمة ورأيتُ أننا
كنا نقترب من المحطة.
· سألني سابت,
"ما هو شعورك الآن؟" فقلت, "متوتر. فأنا بشر من لحم ودم."
فقال, "ستكون على ما يرام. ولكننا وصلنا ساعة مبكرا عما كانوا يتوقعونه,
لذلك فلن يكون هناك أحد في استقبالنا. يجب أن نرسل تنبيها بوصولنا إلى القصر, وفي
هذه الأثناء ..." فصرختُ فيه مقاطعا, "في هذه الأثناء, سأتناول
الإفطار. الملك جوعان." ابتسم لي سابت, وأمسك يدي قائلا, "دعنا
نأمل أن نكون جميعا على قيد الحياة اليوم." توقف القطار وأخذتُ نفسا
عميقا بينما كنا نخطو للخارج إلى المحطة في ستريلسو. بعد ذلك بدقيقة واحدة أصبح كل
شيئ مليئ بالحركة, جرى رجال نحونا ثم جروا مبتعدين مرة أخرى, امتطى جنودا خيولهم
وابتعدوا, ورافقني رجال آخرون إلى مطعم المحطة. وأثناء تناول إفطاري, سمعتُ أصوات
موسيقى وأشخاص يهتفون قائلين, "حفظ الله الملك", كانوا يستعدون
لحفل التتويج. قال سابت, "حفظ الله كِلا الملكين."
· عند مغادرة
المطعم, رأينا مجموعة من الجنود الذين وصلوا للترحيب بنا. كان قائد المجموعة رجل
طويل وكبير سنا, وكانت سُترته تمتلئ بالأنواط. قال سابت لكي أعرف من هو, "هذا
هو المارشال ستراكنتش." إنه شخص مهم جدا في الجيش. قام المارشال بتحيتي
واعتذر لي لأن الدوق لم يتمكن من استقبالي في المحطة, وقال أنه سيقابلني قريبا.
كنت أرد بطريقة مهذبة ورسمية قدر استطاعتي, وبدأت أشعر بأنني أقل توترا عندما لم
يبدو أن أي شخص قد أدرك أنني لست الملك. ولكني رأيتُ أن فريتز كان مازال متوترا
للغاية عندما قام بمصافحة المارشال.
· سار الجنود
أمامنا حتى خرجنا من المحطة, ثم امتطينا الخيول التي كانت تنتظر بالخارج. بدأتُ
أتجول عبر العاصمة راكبا, وكان المارشال علي يميني وسابت على يساري. بينما كنا
نتجول بالخيول رأيتُ أن جزءا من المدينة كان قديما والجزء الآخر كان جديدا. كانت
هناك شوارع واسعة حديثة حيث يعيش الأثرياء في منازل كبيرة. هؤلاء هم الناس الذين
كانوا يعيشون دائما حياة جيدة في عهد والد الملك, وهم الذين كانوا يساندون الملك
الجديد لأنهم يعرفون أنه لن يحدث تغيير في أي شيئ.
· ولكن خلف
الشوارع الحديثة كانت هناك منطقة مختلفة تماما والتي كانت تمثل المدينة القديمة.
هنا كان يكتظ الآلاف من الناس في منازل صغيرة جدا والتي كانت قديمة وفيها الحرارة
مرتفعة في الصيف والبرودة قارصة في الشتاء. كان يسكن في هذه الشوارع الضيقة الكثير
من الفقراء, وهؤلاء الناس لم يكونوا يريدون أن تظل الأوضاع على حالها. ولهذا
السبب, هم لم يحبوا الملك وكانوا يؤيدون الدوق مايكل الذي أخبرهم أنه يريد أن يجعل
الأمور مختلفة وأعطاهم أملا في حياة أفضل. كنت أعرف أن هذه المنطقة لم تكن آمنة
بالنسبة لي, بصفتي الملك.
· واصلنا
السير باتجاه ميدان كبير حيث كان يوجد القصر. كانت هناك رايات وشرائط ملونة في كل
مكان, وكان الناس يصطفون في الشوارع يصفقون ويهتفون. لوّحتُ لهم بيدي أثناء
مرورنا, وكان الناس يلقون بالورود فوقي من الشُرفات. سقطت إحدى الورود على حُصاني,
فالتقطتها وقمتُ بتثبيتها في معطفي. نظر المارشال إليّ عندما رآني أفعل ذلك, ولكني
لم أستطع أن أحدد من خلال تعبير وجهه إذا كان سعيدا أم غاضبا.
· ورغم ذلك,
ابتسمتُ للمارشال بسعادة. كتبتُ كلمة "بسعادة" لكن كان هذا هو الإحساس
الذي انتابني حقا. فالحقيقة هي أنني في تلك اللحظة صدّقتُ أنني الملك بالفعل.
رفعتُ بصري لأعلى وضحكت, كنت مسرورا لرؤية هذا الكم الهائل من الألوان وهذا العدد
الكبير من الوجوه السعيدة. ثم نظرتُ مرة أخرى مندهشا, فهناك في إحدى الشُرفات
العالية, رأيتُ الابتسامة الواثقة للمسافرة التي كانت في القطار, أنطوانيت دو
موبان. عندما حدّقت في, تغير تعبير وجهها. بالتأكيد عرفت حقيقتي, بالتأكيد كانت
ستصرخ قائلة, "هذا ليس هو الملك الحقيقي."
ترجمة
الفصل الثالث
1. كنت مرتديا زيا وكأنني ملك روريتنيا ، سرت راكبا الجواد
في شوارع العاصمة سترلسو متجها إلى القصر وكنت متوقعا أن اسمع انتونيت دو موبان
تخبر الجميع أنني لست الملك الحقيقي. لكن لم يحدث شيئا من ذلك ، لذا لم انظر خلفي
. ربما لم تتعرف علي. سمعت المشير ستراكنتش يعطي أمرا لرجاله وفجأة دخلنا منطقة من
المدينة فقيرة وبدائية حيث كان الناس هناك موالين للدوق مايكل. سألت المشير
"لماذا قمنا بتغيير وجهتنا؟".
فأوضح لي قائلا "من الأفضل أن نسلك هذا الطريق " بالتأكيد بدأت
أتساءل إذا كان الناس بهذا الجزء من المدينة موالين للدوق مايكل؟ فكيف يمكن أن
يكون أفضل طريق للملك؟ أوقفت جوادي وبدأت أفكر بعناية.
2. ربما كانت هذه خطة المشير لاختباري. أخبرت المشير:
"أجعل جنودك يتقدمون حيث انه لا حاجة لي بهم. يمكنم الانتظار هنا لأنني أريد
أن أسير بمفردي في هذا الجزء من المدينة. أريد الناس الذين يعيشون هنا أن يدركوا
أن ملكهم يثق بهم". بدا العقيد سابت قلقا وهز رأسه. أدركت انه يعتقد أن هذه
الفكرة سيئة للغاية. ومع ذلك، قررت أن أتصرف مثل الملك ، ينبغي لجميع شعبي أن
يحبني، وليس فقط القليل منهم. صرخت في المشير قائلا: "ألا تفهمني؟ أخبر جنودك
ان يذهبوا بعيداً!" بدأت الدهشة تعلو وجه المشير ولكنه أعطى الأوامر لجنوده
على المضي قدما، وبدا وجه العقيد سابت
أكثر قلقا. أدركت من قلقه هذا أنه إذا قتلت في هذا الجزء من المدينة، فان موقفه
سيصبح صعبا للغاية.
3. عندما أصبح الجنود بعيدا عن الأنظار، بدأت أسير وحدي في
شوارع البلدة القديمة. ولقد أدركت حينئذ مدي نصاعة ثيابي ونظافتها مقارنة بالمباني
القديمة من حولي في هذا الجزء من المدينة. واصطف المئات من الناس في الشوارع الضيقة
ولقد شعرت بعيونهم علي. بداية تحدث الناس بهدوء، ولكن بعد ذلك بدأت اسمع الهتاف.
كنت قريبا جدا من الناس في هذه المنطقة الفقيرة لدرجة أنني كنت أسمع بسهولة ما
يقولونه عني. قال احدهم: "أنا مندهش أنه بمفرده، لكنه أطول مما كنت
أعتقد"، وقال آخر: "إن جلده ناصع البياض " و بالرغم من أن بعض الناس كان مبتسما ويهتف ، إلا أن البعض الآخر بدا عليه الهدوء
وكان ينظر إلي بغضب. رأيت العديد من الصور واللوحات للدوق مايكل معلقة في النوافذ
وأدركت ما يجيش في خاطرهم نحوي. ، وصلت إلى خارج القصر بأمان على الرغم من غضبهم
ونزلت من على جوادي. بدا الارتياح يعلوا وجه العقيد سابت لأنني مازلت على قيد
الحياة.
4. وقد حان الوقت الآن للتتويج رافقتني مجموعة من الجنود
داخل مبنى جميل. كان هناك العديد من الناس لدرجة أنني لم أكن أعرف ما الذي كان
يقوم به كل منهم. ولكن أتذكر امرأة شابة جميلة ذات شعر احمر، وعلمت أنها الأميرة
فلافيا، ورجل ذو خدود حمراء، وأعين وشعر داكن علمت أنه أكيد الدوق مايكل. أصبح
وجهه شاحبا للحظة عندما رآني لدرجة أنني ظننت انه لم يصدق أن الملك قد جاء إلى
العاصمة سترلسو . كل ما أتذكره فيما يتعلق بهذا التتويج هو أنه كان ذا أهمية بالغة
لمستقبل روريتنيا؟ كذلك اذكر القليل جدا، من الطقوس مثل التاج الذهبي حين وضع على
رأسي وبعض التفاصيل الأخرى. أتذكر أيضا بعضا من العهود والعود التي طلب مني أن أتلوها على المستمعين،
والموسيقى الجميلة التي تم عزفها عندما قام شخصا معلنا أن رودولف الخامس قد أصبح
الآن ملك روريتنيا. والأهم من ذلك كله، أتذكر استقبال وترحيب الدوق مايكل ، حينما
مد يده ليصافحني وهو يعلوه الغضب ، ومتجنبا
النظر في عيني مرددا ببرود: "تهانينا".
5. ومع ذلك، لا يبدو أن ثمة أحد آخر، ولا حتى الأميرة، أدرك
أنني لم أكن الملك الحقيقي. لذلك وقفت في القصر لمدة ساعة، كما لو كنت الملك فعلا،
استقبل التهاني والتحية من العديد من السفراء والأشخاص المهمين والذين جاءوا
لرؤيتي. أصبحت قلقا عندما رأيت رجلا من إنجلترا كنت أعرفه يدعى ، لورد توفام، جاء
لتحيتي ، ولكنه كان ضعيف النظر لدرجة أنه لم يتعرف علي. وقد حان الوقت لي الآن
الذهاب في سيارة برفقة الأميرة في شوارع المدينة. ولقد سأل سائل وقال:"متى
حفل الزفاف؟" وتمنيت لو كنت قد طلبت من العقيد سابت معرفة الجواب على هذا
السؤال بالذات. في تلك اللحظة، نظرت الأميرة إلي وقالت: "أتعلم، يارودولف،
أنك تبدو مختلفا اليوم؟ فأنت تبدو متعبا وأكثر جدية، وأعتقد أنك شاحبا. لا أستطيع
أن أصدق أن كنت حقا قد تغيرت اليوم ". فقلت لها "اعتقد أنني يجب أن
أتغير الآن بعد أن أصبحت الملك،". استطردت قائله"ربما تغيرت بالفعل. لقد
سمعت أنك سرت بمفردك في البلدة القديمة "، "لقد أدهشني ذلك كثيرا واعتقد
أن الناس هناك قدروا صنيعك هذا "." ابتسمت. وقلت لها "آمل أنا أكون
ملكا صالحا".
6. عادت الآن السيارة إلى القصر، و بداخل المبنى، أخذت
مقعدي على طاولة ، بجوار الدوق مايكل ، ومن ورائي سابت وفريتز. شعرت وكأنني الملك
حقا، ولكن في ذات الوقت ظللت أفكر في الملك الحقيقي ، أين هو وماذا يفعل الآن؟ في
وقت لاحق بعد ظهر ذلك اليوم، جلست على سريري وشعرت ببعض التعب. وكان سابت وفريتز
لا يزالان بجانبي، وبدا في غاية السعادة حيث أن خطتنا كانت ناجحة. وقال فريتز:
"إن ذلك اليوم لن ينسى!". "أعتقد أنني كنت أحب أن أصبح الملك ولو
ليوم واحد، ولكن ياراسندل، يجب عليك ألا تجازف ، فلم تكن فكرة سيرك بمفردك في
المدينة القديمة جيدة على ما أظن. كما أن الدوق مايكل لن يرضي أن تصبح ذا شعبية في مناطق نفوذه" ،قلت له "حسنا، في غضون ساعات قليلة، سوف
أصبح رودولف راسندل مرة أخرى،"
وأتذكر جيدا أنني الملك حتى هذه الليلة فقط " فقال العقيد سابت
"ذلك إن بقيت على قيد الحياة حتى هذه الليلة "، "فلقد تلقى مايكل
أخبار من زندا ومن المؤكد انه يخطط لشيء
ما، لذا يجب أن تغادر البلاد في أقرب وقت ممكن. ولكنك بحاجة إلى تصريح لمغادرة
المدينة".
7. فسألته: "مِن مَن يمكنني الحصول على هذا
التصريح؟" فقال لي: "الملك، بطبيعة الحال،" ووضع على الطاولة استمارة على أن أوقع
عليها وبعض الأوراق التي تحمل توقيع الملك
وكان على أن أقلدها فقلت له"انظر، أستطيع أن أدعي أننى الملك لأنني
أشبهه،ولكن هذا لا يعني أنني يمكن أن أكتب مثله أيضا!" فصاح في
قائلا: " ليس من الصعب أن تقلد وقام بتقليد التوقيع بنفسه وبسهولة" وقال
لي: "الآن، تذكر خطتنا. سأذهب معك، يا راسندل"، "وأنت يا فريتز
عليك أن تخبر الجميع أن الملك قد ذهب إلى فراشه، وأنه لن يستيقظ حتى التاسعة من
صباح اليوم الغد. هل تفهم، يا فريتز؟ لا أحد." فقال فريتز "أنا
أفهم"،وتابع سابت حديثه مخاطبا فريتز قائلا "مايكل قد حاول زيارة الملك
ولكن يجب ألا تسمح له بذلك، حتى لو كلفك هذا الأمر حياتك" فقال فريتز، وبفخر
"أنا لست بحاجة إلى أن تذكرني بذلك" قال لي سابت " ارتدي هذا المعطف
الكبير وهذه القبعة "
8. وقال لي أيضا "الآن، هل أنت على استعداد
للذهاب؟"فأخبرته "أنا مستعد،". صافحت فريتز وانطلقت – ولكن ليس من
خلال الباب ولكن من خلال باب خلفي في الجدار يؤدي إلى ممر مظلم." وأوضح لي
سابت قائلا "منذ عهد الملك السابق وأنا أعرف كل شيء عن هذا الممر
السري". تبعت العقيد سابت عبر الممر الطويل والمظلم والذي كان ينتهي بباب
خشبي ضخم ففتحه وخرجنا إلى شارع هادئ على امتداد الجزء الخلفي من حدائق القصر. كان
هناك رجل في انتظارنا ومعه اثنين من الخيول. دون أن نقول أي شيء، ركبنا الخيول
وانطلقنا. في ذلك الوقت من اليوم، كانت المدينة مزدحمة ومليئة بالضجيج، ولكننا
سلكنا الشوارع الخلفية الهادئة. ولقد غطي معطفي وجهي وشعري، وحاولت أن أظل منخفضا
على الحصان حتى لا يتعرف علي أحد.
9. وقال سابت "خذ مسدسك معك فقد تحتاج إليه عند الخروج
من خلال بوابات المدينة. سوف تكون جميعا مغلقة في هذا الوقت من اليوم." كانت
الساعة لا تزال 6:30 والضوء لا يزال موجودا عندما وصلنا إلى واحدة من البوابات
الخشبية العالية. طرقت سابت على باب ، وهدأت أعصابنا عندما فتحت لنا فتاة ، وهي
حوالي في الرابعة عشر من عمرها قائلة: "للأسف والدي ليس هنا، انه ذهب لرؤية
الملك"،فقال لها سابت "والدك كان يجب أن يبقى هنا" قالت لنا:
"لكن والدي اخبرني ألا أفتح البوابة لأي أحد" فقال لها سابت"إذا
عليك أن تعطيني المفتاح لأفتح بنفسي وتفضلي استمارة موقعة من الملك شخصيا ، ويمكنك
أن تعطيها لوالدك عندما يعود." ثم
أعطى الفتاة الاستمارة الموقعة وعملة معدنية وأخذ المفتاح من يدها. وفتحنا الباب
بسرعة، وأخرجنا الخيول، وإغلاقنا الباب مرة أخرى وراءنا. اخبرني سابت عندما عدنا
إلى الخيول قائلا: "ألان يجب علينا أن نتحرك وبسرعة،".
10. عندما كنا خارج المدينة، كان هناك خطر ضئيل، حيث كان
الجميع تقريبا في الشوارع للاحتفال بالتتويج. كما أن الليلة كانت قمرية ، وسرعان
ما بدأنا الحديث فقلت لسابت "ما رأيك هل يعلم الدوق بخطتنا؟"فقال لي
"أنا لا أعرف" بعد
قليل، توقفنا في نُزل (فندق صغير) لتشرب الخيول، ولكن هذا ضيع علينا نصف ساعة وبعد
ذلك تابعنا المسير لمسافة نحو أربعين كيلومترا من المدينة وفجأة توقف سابت ، وكانت
الساعة حوالي التاسعة النصف. صاح سابت قائلا "استمع" " يمكنني أن
أسمع شيئا ما." فسمعنا وراءنا صوت ضجيج من الخيول متجهه نحونا ورأيت القلق قد
ظهر على وجه سابت الذي قال"نحن محظوظون أن الرياح تهب في تجاهنا وهذا يجعلنا
نسمعهم. هيا بنا! "وانطلقنا بسرعة. وبعد مرور بعض الوقت، توقفنا مرة أخرى
لكننا لم نتمكن من سماع الخيول الأخرى، لذلك سرنا ببطء وظننا انه بإمكاننا
الاسترخاء قليلا. ، ولكن بعد قليل توقفنا مرة أخرى وهذه المرة سمعنا ضجيج الخيول.
11. نزل سابت عن حصانه ووضع أذنه على الأرض. وقال: "
أعتقد أن هناك اثنين من الخيول" وقال: "إنهم على بعد حوالي كيلومترين وراءنا."
ذهبنا بسرعة وفي النهاية وصلنا إلى الأشجار طويلة القامة، من الغابة المظلمة من
زندا وتوقفنا عند مفترق الطريق. كان هناك طريق يؤدي إلى عمق الغابة، والطريق الأخر
يؤدي إلى المدينة. فقال سابت"إلى اليمين طريقنا وإلى اليسار القلعة. الآن،
انزل من على الحصان." فقلت له "انزل؟ ولكنهم سوف يلحقون بنا!" فكرر
سابت غاضبا: "انزل من على الحصان!" ، ففعلت ما طلب مني. أخذنا الخيول في
ظلام الأشجار وانتظرنا بهدوء حيث يمكننا أن نرى الطريق، لكن (أيا كان المار
بالطريق) لا يمكن أن يرانا. رأيت أن سابت كان يحمل مسدسا في يده. فهمست لسابت
قائلا له:"هل تريد أن ترى من هم؟" فقال لي: "نعم، وأين هم
ذاهبون"
12. و بعدها مباشرة استطعنا أن نسمع الخيول وهى تقترب شيئا
فشيئا. كان القمر مكتملا الأمر الذي مكننا من أن نرى الطريق بوضوح. فهمس سابت قائلا
"هاهم قد وصلوا!" فقلت لسابت "انظر،
انه الدوق!" على الطريق عبر الغابة، رأيت الدوق ورجل قوي المظهر الذي اخبرني
عنه سابت في وقت لاحق انه ماكس هولف، شقيق
جوهان الخادم الذي رأيته في النزل (الفندق الصغير). توقفوا عندما وصلوا إلى مفترق
طرق. فسأل الدوق مايكل "أي الطرق نسلك؟". فقال له ماكس هولف
"اعتقد، يجب أن نذهب إلى القلعة حيث يمكننا معرفة الحقيقة"، فقال له
الدوق: "ولماذا لا نذهب إلى كوخ الصيد؟" فقال ماكس: "إذا كان الأمر
على ما يرام فلماذا نذهب هناك؟ وان لم يكن الأمر كذلك أخشى أن يكون هناك فخ."
لم يتحرك الدوق وبدا وكأنه يستمع إلى شيء ما فقال بهدوء: "ظننت أنني سمعت
شيئا".
13. رأيت سابت يرفع مسدسه، ولكن الدوق قال: "إلى زندا
إذاً" وانطلقا مرة أخرى. ورأيت أن سابت ما زال مصوبا مسدسه نحو الدوق، ولكن
على الرغم من أنني أعرف أنه تمنى أن يطلق النار، إلا انه أدرك أن ذلك لن يساعد الملك في هذه اللحظة. فوضع مسدسه
بعيدا مرة أخرى. انتظرنا بهدوء لمدة عشر دقائق قبل أن نخرج من بين الأشجار. فقل
سابت "إذا قد تلقى مايكل إخبارا تقول له، أن كل شيء على ما يرام" فسألته
"ماذا يعني ذلك؟" فقال لي " ليتنى اعلم"، "انه لغز
حقيقي." انطلقنا
خلال الغابة وبأقصى سرعة رغم تعب الخيول. لم نقل شيئا، وفكرت في ما قاله الدوق.
"وماذا تعني عبارة كل شيء على ما يرام" هل كل شيء على ما يرام فيما
يتعلق بالملك ؟ لم نستغرق وقتا طويلا للوصول إلى كوخ الصيد حيث كنا قد تركنا الملك
ونزلنا بسرعة من على الخيول وكان الكوخ مظلما وهادئا ولم يأتي أي احد لاستقبالنا.
فجأة امسك سابت بذراعي وقال لي "انظر هناك!" مشيرا إلى خمسة أو ستة
مناديل ممزقة وقذرة على الأرض. "هذا ما كنت قد استخدمته لربط المرأة العجوز.
اربط الخيول ودعنا نرى ما حدث."
14. لم يتم قفل الباب الأمامي للكوخ وذهبنا إلى الغرفة حيث
تناولنا العشاء في الليلة الماضية. وكانت الأطباق والكؤوس لا تزال على
الطاولة.فقال سابت "هيا"،
وأسرعنا لأسفل الممر نحو القبو حيث تركنا الملك. ولكن كان باب القبو
مفتوحا. فقلت لسابت "إذا قد وجدوا المرأة العجوز،" فقال لي "أدركت
ذلك عندما رأيت مناديل"فسألته "أين جوزيف والملك؟" وجدنا باب آخر
داخل القبو ولكنه كان مغلقا، واستغرق الكثير من الوقت لفتحه. وكان الظلام والهدوء
يخيمان على المكان بالداخل كان سابت قلق للغاية فقد كان يحب الملك وكان يكره أن
يصيبه مكروه. فطلبت منه البقاء بالخارج ودخلت الغرفة وبيدي شمعة. كان هناك العديد
من الأشياء بأرضية الغرفة المظلمة، كما لو كان هناك قتال. أمسكت الشمعة ورأيت
العناكب على الجدران، ورأيت جسدا بأحد أركان الغرفة. ذهبت ببطء مرة أخرى خارج
الغرفة لأخبر سابت عما رأيت فقلت له" إنها ليست اخبار سارة. أخشى أنه
ميت،"فصاح قائلا "الملك؟" ووضع يده على فمه. فقلت له "لا، انه
جسد جوزيف و الملك ليس هناك."
15. أغلقت الباب ورائي ومشينا بقلوب ترتعد خوفا ونحن عائدين
من القبو إلى غرفة الطعام. فقال سابت وهو يجلس واضعا يده على وجهه: "إذاً، هم
يتحفظون على الملك!" "لهذا السبب قالوا إن كل شيء على ما يرام
هنا.فسألته "ولكن متى علموا بذلك؟"فأجابني قائلا "أكيد مايكل كان
يعلم منذ بداية اليوم "فتساءلت "ماذا كان يظن عندما قابلني، حينئذ؟ علم
أنني لم أكن الملك الحقيقي!" فقال سابت"لا يهم ماذا كان يعتقد ذلك
الحين،". "ما يهم هو ما يفكر فيه الآن!" "يجب علينا أن نعود ونجمع
كل جندي في سترلسو. مايكل لابد أن يقبض عليه قبل أن يقتل الملك." فقال سابت:
"مهلا" وأضاف قائلا: "إننا بحاجة إلى التفكير، أكيد المرأة العجوز
أخبرتهم بخطتنا بطريقة أو بأخرى.لقد فهمت ألان. جاءوا إلى هنا لخطف الملك ووجدوه
في تلك الغرفة في القبو. وإذا لم نكن قد غادرنا إلى سترلسو لقتلنا ". فسألته:
"فأين الملك الآن؟ "فقال لي: "ليس لدي فكرة،". وأضاف
"لكنك يمكنك أن تدرك أن الدوق مايكل كان يبدو عليه القلق أثناء التتويج. دعنا
نفكر كيف يمكننا أن نجعله يقلق أكثر قليلا."
16. دقت الساعة المعلقة بالمنزل تمام الواحدة ووقف سابت
مبتسما، وأدركت انه لديه خطة أخرى. فقال بحماس: "إننا سوف نعود إلى
سترلسو" وأضاف أن: "الملك سوف يعود مرة أخرى إلى العاصمة غدا!"
فسألته: "كيف يكون ذلك ممكنا ونحن لا نعرف أين هو؟" فقال "سوف نعود
إلى سترلسو ونستمر في اللعبة التي بدأناها. لقد قمت بدور الملك بشكل جيد حتى الآن،
لذلك لماذا لا نستمر؟"فقلت له: "هل تعني انك تريد مني أن أكون الملك مرة
أخرى؟" فصاح قائلا: "نعم" .
ترجمة الفصل الرابع
1. لم يكن من السهل الهروب من سترلسو والعودة إلى كوخ
الصيد دون أن يرانا أحد ، لذلك عندما اقترح العقيد سابت أن أعود إلى العاصمة
واستمر في القيام بدور الملك ،أردت أن اجعله يعلم ما يدور بخلدي. فقلت له
"أنت مجنون!". "الخطة خطيرة جدا!" فاقترب مني ووضع يده على كتفي ثم نظر بعمق في
عيناي وقال لي" اسمع أيها الرجل انه بإمكانك إنقاذ الملك" "عد إلى
العاصمة واستمر في القيام بدور الملك" فقلت له محتجا على هذا الاقتراح
"لكن الدوق ورجاله يعلمون أين الملك الحقيقي،!" فقال لي"نعم، لكنهم
لا يستطيعون قول أي شيء". ثم أضاف "أنصت إلي! لقد علمنا خطتهم! إنهم لا
يستطيعون قول أي شيء دون أن يظهروا جريمتهم ، فهم لا يمكن أن يقولوا "هذا ليس
الملك الحقيقي لأننا خطفناه وقتلنا خادمه "هل ممكن أن يقولوا ذلك؟ " أدركت أن العقيد سابت كان محقا.
2. فحتى لو علم مايكل من أنا ،
فانه لن يستطيع الإفصاح بذلك، لكن كان لا يزال لدي بعض الشكوك. فقلت للعقيد سابت:
"بالتأكيد سوف يوجد شخص في سترلسو يدرك أنني لست الملك الحقيقي" وتابعت
حديثي قائلا " إن الأميرة قالت أنها تعتقد أن الملك قد تغير بالفعل. ومن ثم
فإنها سوف تعرف حقيقتي." فقال لي "بالطبع إنها مجازفة، ولكننا يجب أن
يكون لدينا ملك في سترلسو، وإلا ستنتقل مقاليد الحكم في المدينة إلى الدوق مايكل
في غضون أربع وعشرين ساعة.لذا يجب عليك أن تفعل ذلك من اجل روريتانيا !" فقلت
له "ماذا لو كان الملك الحقيقي قد مات بالفعل؟" فقال لي: "إذا كان
الملك الحقيقي قد مات بالفعل، يجب عليك الاستمرار في دور الملك! ولكنني أعتقد أن
الملك ما زال على قيد الحياة، وأنا لا أعتقد أنهم سوف يفعلون أي شيء له مادمت أنت
في العاصمة، فهم يعلمون انك ستظل الملك إذا قتلوا الملك الحقيقي! "
3. لقد كانت خطة خطيرة، بل
وأكثر خطورة من الخطة الأولى، التي كانت ناجحة بالفعل، ولكن عندما استمعت إلى
العقيد سابت، علمت أننا سننجح في ذلك. فقلت له مرة أخرى "أنا لا زلت قلقا أن
شخصا ما سوف يدرك أنني لست الملك الحقيقي،". فقال لي"كل شيء ممكن، ولكن
هيا بنا نذهب إلي سترلسو ياراسندل،!. سوف يتم القبض علينا إذا بقينا هنا."
فقلت له "حسنا، يا سابت، سأحاول،". فقال لي "أحسنت يا رجل!"
"سأذهب واحضر الخيول." ولكن بعد ثوان عاد العقيد سابت وقال لي.
"انظرا من النافذة." رأيت من خلال النافذة في ضوء القمر مجموعة كبيرة من
الرجال قادمة على الطريق من زندا: أربعة منهم كانوا على الخيول، وأربعة أو خمسة
كانوا يمشون. كنت أعرف أنهم من رجال الدوق مايكل، ويبدو أنهم كانوا يحملون معدات
الحفر، متجهون إلى المنزل لإخفاء معالم جريمتهم. تذكرت حينئذ جثمان جوزيف المسكين
، وقلت لسابت "علينا التأكد من أن بعض هؤلاء الرجال الأشرار لحقوا بجوزيف". فقال لي"حسنا وأنا
بصفتي العسكرية ، قد مر بي الكثير من هذه المواقف، وسوف أبين لك ما يجب القيام
به."
4. خرجنا من الباب الخلفي
وركبنا خيولنا وسيوفنا جاهزة. وسمعنا صوت الرجال عندما وصلوا إلى مقدمة مبنى كوخ
الصيد فنادي احدهم قائلا "اذهبوا واحضروا الجثمان." حينئذ صاح العقيد سابت قائلا
"الآن" وانطلقنا بالخيول سريعا. وصدم الرجل لرؤيتنا فلم يتوقعوا مقابلة
احد. اسقط احدهم بسهولة من على جواده وضربت رجلا ضخما آخر بسيفي عندما اتجه نحوي،.
لكننا كنا اثنين فقط وفي غضون ثوان أحاطوني. وقبل أن يمسكوا بي استطعت أن اهرب من
بينهم نحو الغابة. وكان حصاني سريع ولكن عندما غادرت، سمعت طلق ناري كاد أن
يصيبني. كنت أرى العقيد سابت على حصانه أمامي، وذهبت بأسرع ما يمكن نحوه ملوحا
بيدي. ثم سمعت طلقة أخرى وشعرت بألم فظيع في إصبعي. وأطلق احدهم النار للمرة
الثالثة، ولكننا الآن كنا بعيدا جدا. أخيرا التحقت بالعقيد سابت، الذي كان يضحك وهو
يلتقط أنفاسه. فقال
لي"أحسنت صنعا! " وأضاف متسائلا " هل تعتقد: أنهم تعرفوا
عليك؟" فقلت له "نعم لقد تعرفوا علي فقد سمعت احدهم يقول:"انه
الملك" وذلك قبل أن أسقطه من على جواده" فقال "حسنا!".
"هذا سيجعل مايكل قلقا."
5. وبعد مرور بعض الوقت، توقفنا
لكي يضمد سابت إصبعي الذي كان يؤلمني بشدة. وسرنا في صمت، سريعا بقدر طاقة خيولنا
المنهكة من شدة التعب، حتى وصلنا إلى مزرعة مع شروق الشمس. غطيت وجهي، وقلت
للمزارع أن أسناني تؤلمني قبل أن نطلب الطعام. كان المزارع طيبا وتركنا نستريح،
ولكننا كنا نعلم أننا لا يمكن أن تنتظر لفترة طويلة وانطلقنا سريعا. وبعد بضع
ساعات، رأينا مباني العاصمة سترلسو أمامنا. كانت الساعة حوالي التاسعة صباحا، وكانت
أبواب المدينة مفتوحة، فذهبنا إلى البوابة الخلفية التي كنا قد غادرنا منها.
6. كانت شوارع المدينة هادئة
جدا، لأن معظم الناس كانوا يستريحون بعد الاحتفالات، وتقريبا لم نر أحدا حتى دخلنا
القصر. و هنا كان احد رجال العقيد سابت في انتظارنا. فسأل العقيد سابت قائلا
"هل كل شيء على ما يرام، يا سيدي؟"فأجابه سابت قائلا "نعم يا فريلر، كل شيء على ما يرام".
فتساءل فريلر عند رؤية إصبعي قائلا "لكن الملك مصاب؟" فقلت له "انه
شيء بسيط،". فقال له سابت موضحا "لقد قفل الباب على إصبعه وذكره ألا
يخبر أحدا عما رأي فجميع الشبان ترغب في ركوب خيولهم بين الحين والآخر، فلماذا لا
يفعل الملك ذلك ؟! "
7. ولما ذهب فريلر بالخيول قال
لي سابت بهدوء "فريلر خادم جيد، ولكن في بعض الأحيان من الأفضل عدم الثقة حتى
في أفضل الرجال." وضع سابت المفتاح في الباب السري ودخلنا القصر، من خلال
الممر إلى غرفة الملك. وعندما سمعنا فريتز الذي كان نائما قفز ،وصاح قائلا "
سيدي إنني سعيد لسلامتك وانحنى أمامي." ضحك سابت قائلا: " حتى فريتز
يعتقد أنك الملك الحقيقي!" وأضاف قائلا. "أعتقد أننا يمكن أن ننجح في
مهمتنا." فقال فريتز مندهشا "أوه! يا راسندل؟"وأضاف متسائلا
"لكن ماذا حدث لك؟ هل أنت مصاب؟" فقلت له "إنه شيء بسيط ولكن
الأكثر أهمية هو ما يجب أن نقوله لك." فصاح متسائلا "ما هو؟ أين الملك
الحقيقي؟". فقال له سابت "كن هادئا، يا فريتز! لا تتحدث بصوت عال! الناس
قد تسمعنا". وفجأة كان هناك طرق على الباب، فأخذني سابت من ذراعي وقال لي.
"بسرعة! اذهب إلى غرفة النوم، واخلع نعليك وقبعتك وغطي نفسك جيدا حتى يظن
الناس انك نائم"
8. فعلت كما قيل لي، ولكن بعد
دقيقة واحدة جاء سابت إلى غرفة النوم مبتسما. وقدم لي رجل شاب مهذب جاء إلى سريري
وقال لي أنه خادم الأميرة فلافيا ، أرسلته الأميرة لمعرفة كيف كان شعور الملك بعد
التتويج. فقلت له"بلغها تحياتي، واخبرها أنني في أتم صحة وحال" وقال له
العقيد سابت: "إن الملك قد نام نوما عميقا ليلة أمس". انحنى الخادم وانصرف، ابتسمت
للعقيد سابت. ولكن فريتز مازال جادا جدا.
9. وتساءل بهدوء: "قولوا
لي، هل مات الملك؟". فأجبته
قائلا "نحن لا نعتقد ذلك". وأضفت "لكن الدوق مايكل يحتجزه
كسجين." وفي اليوم التالي، ظل العقيد سابت قرابة ثلاث ساعات يخبرني بكل شيء
عن واجبات الملك. وبدا لي أن حياة الملوك صعبة جدا، ولكن تقليدهم أكثر صعوبة. وعلى
أية حال وقف العقيد ثابت بجواري ليرشدني إلى ما يجب علي أن افعله وما لا يجب علي
أن افعله. ، كذلك ما ينبغي علي أن أقوله للشخصيات المهمة التي أقابلها على مدار
اليوم. وكنت قلقا ذات يوم عندما التقيت بالسفير الفرنسي وسألني سؤال لم أستطع
الإجابة عليه، ولكن في وقت لاحق طمئنني سابت قائلا لا داعي للقلق فحتى الملك الحقيقي
ليس لديه القدرة على الإجابة أيضا. وكان لزاما على أن اخبر الجميع أنني لا يمكنني
التوقيع على العديد من المستندات المهمة نظرا لإصابتي بإصبعي.
10. وبعد عدة ساعات من
الاجتماعات، أصبحت في نهاية المطاف وحدي مع أصدقائي مرة أخرى. طلبت من احد الخدم
الجدد والذي لم يلتق الملك الحقيقي قط ، أن يحضر لي مشروبا ثم طلبت من العقيد سابت
أن أستريح قليلا . فانا لم اعتد على مثل هذا العمل الشاق. فتساءل فريتز قائلا
"تستريح؟ لا! يجب علينا ألا نضيع الوقت! ألا يجب علينا أن نخطط لكيفية مواجهة
الدوق مايكل؟" فرد عليه سابت قائلا " دعنا نتريث في الأمر". فقال
له فريتز"لو تمهلنا فلن نفعل أي شيء؟"فقال له سابت. "نحن لن تفعل
أي شيء خطير" فقلت له"إذا علم الناس حقيقتي حينئذ سنقاوم الدوق ولكن
حاليا، دعونا ننتظر لنرى ماذا سيفعل دوق". فقال لي فريتز " أن الدوق
مايكل سوف يقتل الملك" فقال له العقيد سابت" إن الدوق مايكل لن يقتل
الملك لأنه يعلم انه إذا فعل ذلك فسوف يظل راسندل يقوم بدور الملك ولن يمكنه اتهام
راسندل بأي شيء لأن الناس سوف تعلم انه قد خطف الملك الحقيقي" فقلت موضحا
"ونحن أيضا لا يمكن أن نتهمه بأي شيء علنا دون الاعتراف بأنني لست الملك
الحقيقي." فصاح
فريتز قائلا "لذا لا يمكن لكلانا أن يفعل أي شيء! إنه مأزق! وأضاف قائلا مهلا
يا سادة نصف رجال مايكل الستة في العاصمة سترلسو مع الدوق مايكل". فقال
العقيد سابت " النصف فقط؟ فهذا يعني أن النصف الأخر يحرس الملك" فقال له فريتز "نعم، أنت على حق، وهذا يَعْني أن الملكَ لابد أَنْ
يَكُونَ حيَّا. فلو كان الملكِ قد مات، لكان الرجال الستّة هنا مَع الدوقِ."
11. فقلت لهما متسائلا "عفوا، ولكن مَنْ هم الرجال
الستّة؟ " فقال لي فريتز "لسوء الحظ أخشى أنّك سَتُقابلُهم قريباً"
، وأضاف قائلا: "إنهم ستّة من الحرس الخاص بالدوق مايكل وهو يحتفظ بهم دائما
في منزله وهم موالون له تماما. ثلاثة منهم مِنْ دولة روريتانيا ، وواحد بلجيكيُ،
وآخر فرنسي والثالث مِنْ بلادِكَ." وواصل الحديث العقيد سابت قائلا "
إنهم يفعلون كل ما يطلبه منهم الدوق مايكل " فتساءلت بعصبية: "هَلْ سيُحاولونَ
قَتْلي؟" فأجاب العقيد سابت قائلا: "بدون شَكّ." وسأل سابت فريتز
قائلا "من هم الثلاثة الموجودون الآن بالعاصمة سترلسو؟" فأجابه فريتز
قائلا " الأجانب الثلاثة : وهم (دي جاتت) و(برسونن) و(ديتشارد)" فسألت
العقيد سابت قائلا "إذا إنهم ليسوا الرجال الذين شاهدناهم في كوخ الصيد
؟" فأجابني سابت قائلا: "أَتمنّى لو كانوا هم لأنه في هذه الحالة سيكون
هناك أربعة منهم وليس ستة."
12. قررت حينئذ أن أتصرف - ربما مثل كل الملوك الحقيقيين
– وذلك عن طريق الاحتفاظ ببعض الأسرار حتى عن الناس الذين أثق بهم كثيرا. وكانت
خطتي أن اجعل لنفسي شعبية وقبولا لدى شعبي قدر الإمكان، وألا أتحدث بسوء عن أخي
الدوق مايكل. وبهذه الطريقة، يمكن أن نأمل في منع الفقراء الموجودون بالعاصمة من
سوء الظن بي. ومن ثم، إذا كان هناك قتال، ربما يمتنع هؤلاء الناس عن الانضمام
لمايكل ، على الرغم بالطبع أنني كنت آمل
ألا يكون هناك صداما. وربما بدأت فعلا أستمتع بما أقوم به في سترلسو, وانه قد يأتي شيء جيدا منه. كما أن مايكل لن يصبح أقوى إذا
إستمريت في القيام بدور الملك.
13. وبدأت خطتي في اليوم التالي، وذلك عندما ركبت جوادي
من خلال الحديقة مع فريتز وكنت ألوح لكل من ينحني لي -. فمما لاشك فيه كلما رآني
شعبي أسير بينهم ، كلما أدركوا أكثر أنني
أهتم بهم وبحياتهم. لم أكن أريد أن أكون ملكا بعيدا عن شعبه يسمع فقط الناس عنه.
وكما فعلت قبل التتويج، أردت أن أتفقد الجزء القديم من المدينة ، حيث يقيم معظم
الناس الفقراء. وأثناء تفقدي لبعض الشوارع
الضيقة والقديمة، توقفت لشراء بعض الزهور من فتاة شابة فقيرة ودفعت
إليها عملة ذهبية. ولقد جذب صنيعي هذا الكثير من اهتمام الناس البسطاء، وسرعان ما
تبعني المئات منهم في طريقي إلى منزل الأميرة فلافيا. كنت اعلم أن الأميرة تتمتع
بشعبية كبيرة جدا لذا بدا الناس في غاية السعادة عندما ذهبت لرؤيتها. فضلا عن ذلك،
فإنني إذا حصلت على دعم الأميرة لي فان ذلك سيعزز من موقفي،. ولقد اعتقد فريتز ذلك أيضا واعتبرها
فكرة جيدة، وجاء معي في زيارتي لقصر الأميرة.
14. أُخذت الى غرفة الضيوف والتي
كانت مليئة بالمرايا الضخمة واللوحات والأثاث الجميل، وسرعان ما وصلت الأميرة مع
خدمها. كنت أعرف أنني يجب أن أكون حذرا جدا عندما أتحدث إليها. وكنت بحاجة إلى كسب
ثقتها، ولكن لم أكن أريد أن أتحدث إليها أكثر من اللازم ، لأنها قد تدرك بذلك أنني
لست الملك الحقيقي. وعلى الرغم من أنني أردت أن أظهر لها أنني أثق بها، إلا أنها
لا يجب أن تعتقد أنها قادرة على أن تقول ما تحب لي، لأنني لم أكن الملك الحقيقي.
فقالت لي: "لقد تغيرت تماما منذ أن أصبحت الملك، يا سيدي،". فقلت لها: "لست بحاجة
إلى أن تقولي لي 'يا سيدي'،". "فعلى أية حال، فإننا لا نزال أبناء
عمومة". فنظرت
إلي ثم قالت: '' أنا فخورة بذلك، يارودولف. ولكن أعتقد أن وجهك قد تغير." أردت
أن أغير الموضوع ، لذلك قلت لها، "لقد عاد أخي مايكل مرة أخرى
إلى المدينة، سمعت انه ذهب بعيدا لبعض الوقت، أليس كذلك؟" فقالت لي
"نعم، سمعت أنه عاد إلى سترلسو ". فقلت لها "هذا أمر جيد. فكلما
كان قريبا مني كلما كان ذلك أفضل." فنظرت إلي وقالت. "هل تريد له أن
يكون بالقرب منك حتى يتسنى لك معرفة ما يخطط لفعله؟" فقلت لها "أود
منه أن يكون على مقربة مني لأنه أخي وان كان غير شقيق. فنحن أسرة واحدة!"
وتابعت حديثي قائلا "نحن بحاجة إلى مساعدة ودعم بعضنا البعض، وللأسف، لقد
سمعت أنه لا يستطيع البقاء في سترلسو لفترة طويلة."
15. فنظرت إلى باستغراب عندما قلت ذلك، ولكن في تلك
اللحظة كان هناك من يهتف بصوت عال بالخارج. فأسرعت الأميرة إلى النافذة، ثم تحولت
إلي وبدا عليها القلق. فقالت: "انه
هو! الدوق مايكل قادم إلى هنا ألان". اندهشت بهذا الخبر، ولم أدرى ماذا أقول.
لعدة دقائق، جلست أنا و الأميرة فلافيا في صمت تام ووقف أيضا خدمها في صمت،
ورؤوسهم منحنية تحية إلى قدوم الدوق. سمعنا طرق خطوات خارج الباب وكنت أتوقع دخول مايكل ، ولكن بعد ذلك
توقفت الخطوات، لذلك واصلت الحديث مرة أخرى مع الأميرة. لم أستطيع أن أتذكر ما كنا
نتحدث عنه، ولكنني وجدت أنه من السهل جدا التحدث مع الأميرة ومر الوقت.
16. اعتقدت أنه أمر غريب أن مايكل لم يدخل الغرفة، ولكننا
لم نتحدث عنه على الإطلاق حتى وقفت الأميرة فجأة وقالت: "أنت تعرف جيدا أن
مايكل سيكون غاضبا جدا بذلك فهل هذه فكرة جيدة ؟! "فسألتها "ماذا
تقصدين؟ كيف لي أن اجعله غاضبا؟" فقالت لي. "أنت لم تطلب منه الدخول وهو
ينتظر بالخارج منذ فترة طويلة." فقلت لها "لكن بالطبع إنه يمكنه الدخول"
أدركت أنني قد ارتكبت خطأ فادحا. فقالت لي "كم أنت مضحك يارودولف أنت تعرف
أنه لا يمكن لأحد أن يدخل الغرفة دون إذن منك." فقلت لها "بالطبع، كنت قد نسيت ذلك! "لكن الأميرة نظرت إلي
بطريقة جعلتني أعتقد أنها أدركت أن ثمة شيء خطأ قد حدث. فتابعت حديثي قائلا "أنا لم أكن أبدا جيدا في تذكر جميع القواعد يا ليت فريتز قد اخبرني أن أخي
بالخارج ولكني سأذهب واحضره بنفسي فى
الحال."
17. فتحت الباب وخرجت من غرفة الضيوف لتحية مايكل. وكان
يجلس على طاولة بالخارج ويعلوه الغضب الشديد. وجميع رجاله يقفون بجانبه. مددت يدي
ووقف مايكل ببطء وصافحني، ثم رافقته إلى غرفة الضيوف الخاصة بالأميرة. فقلت له
" أنا آسف جدا يا أخي لم أكن اعلم انك تنتظر بالخارج وإلا كنت قد طلبت منك
الدخول في الحال." فقدم الشكر لي ولكن ببرود. فهو لم يكن جيدا في إخفاء
مشاعره، واستطعت أن أرى أنه كان غاضبا جدا منى. ورأيت أيضا أنه كان يحاول التظاهر
بأنه يعتقد أنني الملك الحقيقي.
18. جلسنا مع الأميرة. وسألني مايكل قائلا: "لقد
أصيبت يدك،" فقلت له "نعم، لقد عضني حيوان و سوف أكون على ما
يرام." فسألتني الأميرة فلافيا: "هل هناك خطورة من العضة؟" فقلت
لها وأنا انظر إلى مايكل. "ليس من أول مرة ولكن إذا أعطيته فرصة ليعضني مرة
أخرى، فإن الأمر سيكون مختلف". فقالت لي:"هل قتلت الحيوان؟"فقلت
لها "لا نحن ننتظر لنرى إذا كانت لدغته سامة". فقال مايكل وهو يبتسم
ببرود ويعلم يقينا عن من أتحدث: "وإذا كان الحيوان ساما؟" فقلت له: "سيلقى
حتفه" فقال لي: "لكنه قد يعضك مرة أخرى" فأجبته مبتسما: "أنا
متأكد من أنه سوف يحاول". ثم، قررت أن أغير الموضوع خشية أن يقول مايكل شيئا
لا أود أن اسمعه. فقلت له كم كان جنوده ظرفاء وشكرته على حفلة التتويج الرائعة.
كما شكرته على الوقت الجميل الذي قضيته في كوخ الصيد بالغابة. وعندما سمع ذلك وقف
مسرعا، وسار نحو الباب غاضبا. ثم توقف وقال: "ثلاثة من أصدقائي يودون أن
يلتقوا بكم، يا سيدي. إنهم ينتظرون بالخارج".
19. فسرت إليه وأخذت بيده ودخلنا الغرفة الخارجية وكأننا
أصدقاء أعزاء. وطلب مايكل من الرجال الثلاثة التقدم إلى الأمام. فقال لي مايكل: "هؤلاء الراجل
هم الأكثر ولاء وأمانة للملك، وهم أيضا اعز أصدقائي" فقلت له: "وأنا
مسرور للقائهم". انحنى الرجال أمامي في وقت واحد
:وكان أولهم رجل فرنسي رفيع وطويل القامة ذو شعر ناعم وكان يدعى دي جاتيت والثاني رجل بلجيكي ضخم وعمره يناهز
الثلاثون عام وكان يدعى برسوني وأخيرا ديتشارد ، الانجليزي، الذي كان نحيف الوجه ،
و قوي الكتفين وشعره قصير جدا. وبدا عليه انه مقاتل جيد ولكن ذو شخصية سيئة. تحدثت
إليه باللغة الإنجليزية ولكن بلكنة غريبة، كنت واثق من أنني رأيته يبتسم عندما كنت
أتحدث. فاعتقدت انه يعرف حقيقتي، وإذا كان يعرف حقيقتي ، فبالتأكيد جميع الرجال
الستة يعرفون أيضا. فما اخطر هؤلاء الجنود الخاصة؟ وما مدى سلامتي ، حتى وأنا في
قصر سترلسو؟
ترجمة الفصل
الخامس
1. لم أكن آسفاً أن أقول وداعاً لأخي
وأصدقاءه الجنود، على الرغم من أنني كنت حزينا أن أقول وداعا للأميرة. وهل يجب أن
أقول لها الحقيقة؟ وهل كنت مخطئاً أن أتظاهر بأنني أنا الملك؟ لم أكن أعرف. قالت
الأميرة: " كن حذرا يا رودولف، أليس كذلك؟". فسألتها: "أكن حذراً
من ماذا؟" فردت قائلة: "لا يمكنني أن أقول لك، ولكن فكر كم تعنى حياتك
بالنسبة لشعب روريتانيا". تذكرت ما قالته روز عن أخي روبرت
عند عودته لإنجلترا: "إنه يدرك أن مركزه في المجتمع يجلب معه مسؤوليات".
كنت قد أردت دائما أن أعيش حياة هادئة، ولكنني أدركت فجأة قدر المسؤوليات التي على
عاتقي الآن و أنا هنا في روريتانيا. يا الهي ! كيف وضعت نفسي في مثل هذا الموقف ؟
2. خلال الأسابيع القليلة التالية، يسرني أن أقول أنه لا
أحد يبدو عليه أنه يلاحظ أنني لست الملك الحقيقي لروريتانيا. لأنني كنت كثير الشبه
جدا بالملك، فعلى سبيل المثال كان من السهل جداً لي أن أدعي أنني الملك أكثر من
ادعائى امام جارى في المنزل بأننى أنا ، تعلمت الكثير عن كيفية إدارة بلد ما،
لكنني ارتكبت أخطاء، وأحيانا أخطاء كبيرة و أصبحت متقنا جدا في التظاهر و كنت قد
نسيت القوانين و الناس الذين قد قابلتهم من قبل ، وكان عندي أمل في أن شعبيتي المتزايدة بين شعب روريتانيا ستجعلهم
يسامحونني على قراراتي السيئة التي كنت قد اتخذتها في بعض الأحيان.
3. فى أحد الأيام دخل سابت حجرتى و قال لى : "هذا
خطاب لك , ومن كتابة الخطاب أعتقد أنه مرسل من امرأة , و عندي أيضا بعض الأخبار
الهامة " فسألته: "ما هي؟" فقال: "نحن الآن نعرف أن الملك في
قلعة زندا" فقلت له: " كيف عرفت هذا؟" فقال: "نحن سألنا عن
مكان باقي الستة رجال , واكتشفنا أنهم كلهم هناك في القلعة , وكان منهم : لوينجرام
و كرافستين و روبرت هنتزو الشاب و هؤلاء الثلاثة هم أكبر مجرمين في روريتانيا."
فقلت له: " هل تعتقد أن الملك فعلا هناك ؟" فقال: "يكاد يكون من
المؤكد ذلك. الرجال الثلاثة هم دائما في القلعة، ويقول الناس أن هناك جسر متحرك
يحتفظون به بصفة شبه دائمة , وهذا شيء غير عادي. ولا أحد يذهب إلى المبنى بدون
الحصول على إذن من روبرت أو مايكل." فقلت: "إذاً يجب أن أذهب إلى
زندا" . "هذه لن تكون فكرة جيدة." "إذا لم يكن اليوم، ففي وقت قريب لابد
من الذهاب إلى هناك." فقال سابت: "من المحتمل أن تبقى هناك إلى الأبد
إذا قمت بذلك."
4.
كنت صامتا, وكنت أرى أن سابت يدرس وجهي. سألني: "ما
الذي يقلقك يا راسندل؟". فقلت له: "أخبرني يا سابت، لماذا عندما أذهب
إلى العاصمة يقوم ستة أشخاص بمتابعتي؟" فقال"لأنني أمرتهم أن
يتابعوك." فقلت: "ولكن لماذا؟" فقال: "سيكون من المفيد جدا
لمايكل إذا أنت اختفيت. وإذا أنت اختفيت ستنتهي اللعبة ." و اعترضت على هذا
قائلا: "أنا لست بحاجة إلى مثل هذه المساعدة، فأنا أستطيع الاعتناء
بنفسي." فقال لي ,كما لو أنني طفل صغير , "ان دى جوتيت، وبيرسونن و ديتشارد في سترلسو، وكل واحد منهم يمكنه القبض
عليك بسهولة"
5. و قال سابت و هو يشير إلى الخطاب الذي أعطانى أياه:
"إذاً، ما الذي تحتويه تلك الرسالة؟" ففتحت الرسالة وأخذت في قراءتها
بصوت عال: ( إذا كان الملك يريد أن يعرف شيئا مهما، فمن فضلك افعل ما أطلبه. يوجد
في نهاية الشارع الجديد يوجد منزل في حديقة كبيرة. وهناك سور حول الحديقة به بوابة
في الخلف. في منتصف هذه الليلة ادخل من البوابة إلى المكان الذي سترى فيه تمثال
لحصان،اتجه يميناً وامشي عشرين مترا. وهناك سوف تجد ست درجات سلم إلى منزل صيفي.
ادخل في هذا البيت الصيفي و سوف تجد شخص سوف يقول لك شيئاً مهم جدا عن حياتك. ولكن
يجب أن تكون بمفردك. و إذا لم تأتي سوف تكون حياتك في خطر. أنا صديقا وفيا لك. لا
تظهر هذه الرسالة إلى أي شخص، و الا سوف تكون هناك امرأة في خطر كبير: مايكل
سيعاقبني." فقال
العقيد سابت."نعم، ويمكن أن يكتب مايكل أيضا رسالة جيدة جدا"، واعتقدت
أنا نفس الشيء : بالتأكيد قد كتب مايكل هذه الرسالة لكي يوقع بى .
6. وكنت على وشك أن ألقي الرسالة في سلة المهملات، إلا
اننى رأيت أن هناك كتابة أكثر مكتوبة على الجانب الآخر. و هذه الكتابة هي : (إذا
كنت لا تصدقني، فأسأل العقيد سابت.) فقال
العقيد: "ماذا؟" ، لذلك أكملت القراءة : (أسأله عما إذا كانت المرأة
ضيفة للدوق. أسأله عما إذا كان اسمها يبدأ بحرف الـ A.) فصحت قائلا: "من المؤكد أن تكون هذه
المرأة هي أنطوانيت دي موبان". فسأل
سابت: "كيف عرفت ذلك؟" فقلت له كل ما عرفته عن المرأة. و قال سابت: "لقد سمعت أنها جاءت لروريتانيا مع خدمها و
نزلت ضيفة عند مايكل"، "ويقول
الناس أنها كانت في جدال كبير مع مايكل، والآن هي تقيم في مكان ما في
سترلسو". فاقترحت قائلا: "إذاً يمكن
أن تكون مفيدة بالنسبة لنا". فرد علي
العقيد سابت."ربما تكون مفيدة إذا كان لديها معلومات حول مايكل، و مع ذلك
فأنا أعتقد أن مايكل هو الذي كتب تلك الرسالة" . فقلت له: " و أنا أيضا أعتقد ذلك ، ولكنني لست متأكدا،
وسأذهب إلى المنزل هذه الليلة." فحذرني سابت قائلا: "لا، لا يجب ان تفعل
ذلك أبدا , دعني أنا أذهب بدلا منك ." فقلت:
"يمكنك أن تأتي أيضا، ولكن يجب عليك أن تنتظر خارج البوابة بينما أذهب انا
إلى داخل المنزل بمفردي." فقال
لي سابت: " أنا لا اصدق هذه المرأة وأنت مجنون إن قررت الذهاب!". فقلت
له: "أنا اصدق هذه المرأة، وسوف أذهب" وأضفت قائلا: "إما أن أذهب
إلى المنزل، أو أعود إلى إنجلترا، ونحن ليس لدينا الكثير من الوقت. فكل يوم نترك
الملك سجينا فان هناك المزيد من الخطر، لذا يجب علينا التحرك وبسرعة،". وبدأ
العقيد سابت يدرك متى يمكنه أن يقول لي ما يجب القيام به ومتى لا يمكنه ذلك. لذا
على مضض اتفق معي.
7. وفي تمام الساعة الحادية عشرة والنصف من تلك الليلة،
ركبنا خيولنا وسرعان ما وصلنا خارج بوابة المنزل، نحمل سلاحنا. وكانت ليلة مظلمة
جدا. فقال لي العقيد سابت: '' سأنتظرك هنا، خارج البوابة، حظا سعيدا". فتحت
البوابة ووجدت نفسي في حديقة مورقة. ورأيت تمثال حصان ومشيت عبر الحديقة ومسدسي في
يدي. تابعت التعليمات والإرشادات التي كانت بالرسالة، على الرغم من شدة الظلام،
وسرعان ما وصلت إلى المكان المراد . وعندما دخلت سمعت صوت امرأة يهمس قائلا:
"أغلق الباب". فعلت ما طلبت مني ونظرت فى ارجاء الغرفة، التي كانت مضاءة
بواسطة شمعة صغيرة. كانت الغرفة شبه خالية باستثناء طاولة حديدية صغيرة وكرسيين.
وخلال هذا الضوء الخافت رأيت انطونيت ومن ورائها خادمتها.
8. فقالت لي: "لدينا القليل من الوقت"، وأضافت
قائلة: "اسمع! أعرف من أنت وأنا أعلم أنك لست الملك. أنت السيد راسندل. كتبت
لك تلك الرسالة لأنه بأمر من الدوق في غضون عشرين دقيقة سيكون هنا ثلاثة رجال
لقتلك". فقلت لها: "أو أقتلهم أنا! أظن أنهم ثلاثة من الرجال الستة خاصة
الدوق؟" فقالت لي: "نعم، ويجب أن تغادر هذا المكان قبل وصولهم، لذا عليك
الاستماع بعناية! فالخطة هي قتلك، وإلقاء جثمانك في البلدة القديمة. بعد ذلك يتم
العثور على جثتك ومن ثم يعتقل مايكل كلا من سابت وفريتز ويتهمهم بقتلك. ثم يتم
إرسال رسول إلى زندا و يقتل الملك الحقيقي أيضا. حينئذ سوف يصبح الدوق هو الملك.
هل فهمت؟ " فقلت لها: " نعم، أفهم. أنها خطة ذكية، ولكن لماذا
تساعديني؟" فقالت لي: "أنا لا أحب أن أرى الناس يقتلون"
وأضافت" أذهب الآن. ولكن تذكر، انك لن تكون أبدا آمنا في هذه المدينة. لديك
حرس يتبعك، أليس كذلك؟ حسنا، رجال مايكل يراقبونهم ، وينتظرون اللحظة التي تكون
فيها بمفردك ليقتلوك . الآن اذهب بهدوء من هذا الطريق المجاور للمنزل لحوالي مائة
متر، وهناك ستجد سلم على الجدار. تسلقه ثم اركض بأسرع ما يمكن"
9. فقلت لها: "وماذا ستفعلين؟" فقالت لي:
"لدي حيلة. سأقول لرجال الدوق انك لم تأتى إلى هنا، وإذا لم يكتشف الدوق ما
قمت به، قد أراك مرة أخرى." فقلت لها: "شكرا لك. لقد ساعدتى الملك هذه
الليلة". وأضفت: "لكن قبل أن أذهب، قولى لي شيئا: هل تعرفين أين مكان
الملك في القلعة؟" فقالت لي: "نعم أعرف، داخل القلعة هناك باب على
اليمين، ووراء ذلك ... ولكن اسمع إنهم هنا فات الأوان بالنسبة لك لتهرب!"
نظرت من خلال فجوة في باب البيت ورأيت ثلاثة رجال يقفون فى الخارج. ثم سمعت صوتا،
يتكلم بالانجليزية: "هل أنت هناك، يا سيد راسندل؟" لم أرد عليهم. فقال
الصوت: "نحن نريد أن نقدم لك عرضا. هل تأذن لنا بالدخول؟" فقالت لي
انطونيت بهدوء: "لا تثق بهم".
10. فقلت للصوت: "قف مكانك وتحدث فلن أسمح لك
بالدخول." فقال الصوت الذي اعتقدت انه بالتأكيد ديتشارد: "هذه فكرة
جيدة،". فسالته: "هل أنت السيد ديتشارد؟". فقال لي: " الأسماء
ليست مهمة، نحن يمكن أن نوفر لك رحلة آمنة إلى الحدود و50000 جنيه
انجليزيي"،. فقلت له: "يبدو هذا عرضا سخيا،" ولكن بالطبع لم أكن
أثق بهم على الإطلاق. "أعطني دقيقة للتفكير." ثم قلت لأنطونيت وخادمتها
أن يقفا على مقربة من الجدار، بعيدا عن الباب. فسألتني أنطونيت: "ما الذي
تنوي القيام به؟" فقلت لها . "سترين". التقطت
الطاولة الحديدية من الساقين، وجعلتها أمامي. ثم قلت: "أيها السادة، أود قبول
عرضكم السخي، إذاً تفضلتم بفتح الباب لي" فقال
لي ديتشارد: "ولماذا لا تقوم بفتح الباب بنفسك؟" فقلت لهم"حسنا جدا، ولكنه
يفتح إلى الخارج"، وأضفت قائلا: "ستحتاجون إلى التراجع قليلا وإلا سوف
يصطدم الباب بكم." تظاهرت بأنني أحاول فتح الباب، وناديتهم
بصوت عالي "لا يمكنني فتحه." فقال
ديتشارد "سأحاول فتحه".
---------------------------------------------------------------------------------------------------
11. وبينما كان ديتشارد يسير إلى الباب، انتقلت بهدوء إلى
الجزء الخلفي من المنزل. استغرق الأمر منه بضع ثوان لفتح الباب، ولكن بمجرد أن
فتحه، تقدمت نحوه بأسرع ما يمكن وأنا امسك بالطاولة الحديدية أمامي .
كان هناك صوت ضجيج رهيب عندما أطلق الرجال الثلاثة نيرانهم دفعة واحدة، ولكنني كنت
محمي بالطاولة الحديدية. كان الرجال جميعا على مقربة من الباب وعندما انطلقت نحوهم
وأنا امسك بالطاولة سقطوا جميعا على الأرض. وقبل أن أدرك حقيقة ما يحدث وجدت نفسي
أيضا اسقط عليهم من شدة اندفاعي ولكن سرعان ما قمت ولذت بالفرار ، وأنا أطلق
النيران من مسدسي خلفى.
12. كان هناك مزيدا من صيحات الغضب والطلقات النارية. تذكرت
ما قالته لي أنطوانيت عن السلم وسرعان ما وجدته وقفزت من فوق الجدار للخارج ، سمعت
طلقات أكثر ولكن أدركت أنه يجري إطلاق النار عليهم من قبل العقيد سابت، الذي كان
يحاول الوصول إلى البوابة. فصحت فيه قائلا: "سابت! أنه أنا، هيا نذهب!"
. فصرخ مندهشا: "أنت آمن!" فقلت له ونحن نركب الخيول مسرعين نحو القصر:
"لدي قصة جميلة لأقصها عليك تتعلق بطاولة !"
13. وفي اليوم التالي، قرأ لي العقيد سابت آخر تقرير امني من رئيس الشرطة.
فقال سابت وهو يقرا التقرير: " لقد حدث هذا الصباح بعض الأشياء المثيرة
للاهتمام. التقرير يقول أن الدوق غادر العاصمة متجهنا إلى زندا. وبعد ساعة، عاد
الدوق ومعه كل من دي جوتت ،بيرسونن
وديتشارد ، الذي كان يضع ضمادة حول ذراعه" كنت سعيدا بأن طلقتي الليلة
الماضية قد أصابت احدهم. وتابع سابت حديثه قائلا: "وأخيرا، استمع إلى هذا:
شعب العاصمة ليس سعيدا لأن الملك لم يتزوج الأميرة ويقول البعض أنه إذا لم يكن
الزواج قريبا، فإنه سيكون من الأفضل إذا تزوجت الأميرة من الدوق. ، ورغم ذلك فان
الملك سيقيم حفلة رقص للأميرة الليلة ". فقلت له: "أنا لا أعرف أي شيء
عن حفلة الرقص هذه". فقال فريتز"أوه، لقد تم الإعداد لها" فقال لي سابت:
"اسمع يجب أن تطلب من الأميرة الزواج منك هذه الليلة." فقلت له:
"لا أستطيع أن أفعل ذلك ففيه ظلم للأميرة ".
14.
كانت الحفلة
ناجحة جدا .وبعد تناول الطعام ، جلست مع الأميرة وبعض ضيوفي الآخرين في
غرفة صغيرة بجوار حدائق القصر. جلب الخدم لنا القهوة وكان لدينا الوقت للحديث.
فقالت لي الأميرة: " أنت الملك لبضعة أسابيع حتى الآن والكل يشهد لك
بالكفاءة. وأنا سعيدة بك". فقلت لها: "ذات مرة قال لي شخص إن الشخص الذي
لديه مكانة في المجتمع عليه أيضا مسؤوليات ولقد أدركت مؤخرا مدى صحة ذلك".
فسألتني الأميرة: "الم تفكر في ذلك؟". فقلت لها " لم أفكر في ذلك،
فعندما كنت صغيرا، لم أكن أعتقد أنني بحاجة للقلق بشأن المجتمع، لأنه مهمة شخص
آخر،" اندهشت الأميرة للغاية. وقالت: "لكنك كنت دائما على علم أنك ستصبح
الملك. فكيف يمكن أن تعتقد أن هذا العمل مهمة شخص آخر؟"
15. مرة أخرى، ارتكبت خطأ في ما قلته. ولكن فجأة، وبدلا
من أن قول شيء للتغطية على خطأي، أردت أن أقول للأميرة الحقيقة. وكانت عطوفة وذكية
كما أنها كانت ستتزوج الملك. لذا ينبغي أن تعرف ما حدث لزوجها في المستقبل، وأنها
يجب أن تعرف كل شيء عن قيامي بدور الملك. فقررت أنني لابد أن أقول لها كل شيء.
فقلت لها بهدوء لكي لا يسمعني احد من الضيوف الآخرين: "فلافيا هناك شيء يجب
أن تعرفيه، إنني حقا لست...... ..." لم أكمل ما أردت أن أقوله لها لأنه في
تلك اللحظة، سمعنا صوت خطى في الحديقة خارج الغرفة. نظرت إلى أعلى وقفزت من شدة
الخوف، لأن وجه ظهر فجأة من النافذة الفرنسية.
16. شعرت بالهدوء عندما رأيت أن الشخص الذي كان ينظر من
النافذة هو العقيد سابت. فقال لي: "معذرة ، ولكن هناك من يريد أن يقابلك، يا
سيدي،" ولكنني يمكنني أن أدرك من عينيه انه كان غاضبا. ترى كم من الوقت قد
استمع إلى حديثي مع الأميرة؟ و هل سمع أنني كنت على وشك أن اكشف لها عن حقيقتي؟
عدنا إلى الحفلة وأسرعت الأميرة مع خدمها وقام بعض الناس المهمين بالترحيب بي. ثم
أدركت أن قيامي بدور الملك قد وصل إلى مرحلة يستحيل التراجع عنها : فأنا لا يمكنني أن اخبر أي شخص عن حقيقتي
وإلا سيعتقد أنني مجنون. لقد منعني العقيد سابت من التحدث كثيرا مع الأميرة، وقد
كان محقا.
17. وفي صباح اليوم التالي جلست، أنا والعقيد سابت في
غرفتي لنفكر فيما يجب القيام به بعد ذلك. فقلت له: "هل تعلم أن الجميع يعتقد
حقا أنني الملك، حتى الأميرة؟ إنني يمكنني أن ارتب للتخلص من الدوق والملك الحقيقي
معا" فقال لي: "هذا كله صحيح ولكن هل ستفعل مثل هذا الشيء؟" فقلت
له: "بالطبع لا. لا ينبغي لي أن افعل ذلك، فليس ذلك من العدل لشعب روريتانيا
كما انه ليس من العدل للأميرة"، وأضفت قائلا: "لا يمكننا الانتظار أكثر
من ذلك، يجب أن نذهب إلى زندا وننقذ الملك." فقال لي: "أنت رجل
صالح".
18. في البداية ، كنت بحاجة لمقابلة الأميرة فلافيا مرة
أخرى. فإذا لم أستطع أن أقول لها الحقيقة، فعلى الأقل اخبرها بأن الوضع في
روريتانيا ليس جيدا كما يبدو لها. فقمت بزيارة لها في قصرها في وقت لاحق من ذلك
اليوم، وطلبت من خدمها أن يحضروا لي بعض القهوة. ثم قالت لي أنها قد تلقت رسالتين.
احدهما من مايكل، يدعوها لزيارة زندا. ثم بينت لي الرسالة الأخرى. وقالت لي: (أنا
لا أعرف من صاحب هذه الرسالة" علمت على الفور من صاحب الرسالة: إنها انطونيت
دو موبان لأنها بنفس خط الرسالة التي تلقيتها منها. وتقول في رسالتها: "أنتي
لا تعرفينني ، ولكن أنا لا أريد منك أن تقعي في قبضة الدوق. لا تقبلي أي دعوة منه
ولا تذهبي لأي مكان دون حراسة مشددة. أعطى هذه الرسالة إلى زعيم "قائد"
روريتانيا ، إن استطعت ذلك).
19. فتساءلت الأميرة: "لماذا تقول 'زعيم' وليس 'ملك'؟".
فقلت لها: "يجب أن تفعلي كما تقوله الرسالة"، ولم ارد على سؤالها. فقلت
لها: "سأطلب حراسة مشددة لحمايتك." فسألتني: "هل تعرف من الذي أرسل
هذه الرسالة؟". فقلت لها: "صديق لي، واليوم يجب أن تقولي أنكي مريضة
وبالتالي لا يمكنك الذهاب إلى زندا". فقلت لي: "أليس لديك مانع من إغضاب
الدوق مايكل ؟". فقلت لها: "أنا لا أمانع أي شيء يحافظ على أمنك".
20. فكرت فيمن سيكون أفضل حارس للأميرة فلافيا، وعلى
الفور قمت بزيارة المشير ستراكنتش، الذي كنت أعرف أنني يمكنني أن أثق به وطلبت منه حراسة الأميرة وعدم السماح لأي من
رجال الدوق بزيارتها. وقلت له إنني قلقا بشأن طموحات الدوق، ولم يندهش بقولي
هذا. وقلت له: "سأغادر العاصمة
سترلسو لبضعة أيام وكل مساء سوف أرسل لك رسالة، وإذا لم تصلك رسالة مني لمدة ثلاثة
أيام، لديك السلطة أن تقول أنك الآن رئيس العاصمة سترلسو. و يجب عليك أن تطلب من
الدوق أن يسمح لك أن ترى الملك، وإذا لم يسمح لك بذلك في أربع وعشرين ساعة، يجب
عليك أن تعلن أن الملك قد مات، ثم يجب أن تعلن لشعب روريتانيا عن حاكمهم الجديد من
سيكون" ثم سألته " أتعرف من سيكون ؟ " فأجابني قائلا "الأميرة
فلافيا، بطبيعة الحال".
ترجمة الفصل السادس
1. لقد حان الوقت تقريباً بالنسبة
لنا لاتخاذ خطوة ضد الدوق مايكل. كنت مع المارشال
ستراكنتش الذي لم أجد أفضل منه للحفاظ على مستقبل روريتانيا. قلت له: "يجب
أن تعدنى أنك ستحمى الاميرة فلافيا من الدوق. فكما تعلم، لم تكن والدته من العائلة
الملكية وانه يمكن فقط أن يصبح ملك بصورة
قانونية إذا تزوج الأميرة". فقال المارشال ستراكنتش وهو
ينحنى: "أتعهد بذلك"، "الآن
سأكتب ما قلت تواً، ولكن لا يزال إصبعي يؤلمنى." فقال وهو يشاهدنى أكتب: "نعم، يا سيدي، وهذه الكتابة مختلفة قليلا عن المعتاد منك، وآمل أن يعرف الناس
انها أمر حقيقى من الملك." قلت له: "أنا أثق بك" فابتسم قائلاً:
"الأميرة ستكون آمنة معي".
2. عدت
إلى القصر واخبرت فريتز وسابت ان يستعدوا
للذهاب إلى زندا، لم يكن هناك
سوى شيء واحد يجب علي القيام به قبل ذهبنا، ذهبت لأخبر
فلافيا اننى سأترك سترلسو للذهاب للصيد. سألتنى بهدوء: "لذلك تفضل أن تصطاد الحيوانات على ان
تقوم بواجباتك في العاصمة؟" فشرحت لها: "الشيء الذى
سأصطاده هو حيوان كبير جدا، لأني سوف أصطاد مايكل." بدت الأميرة قلقة للغاية وقالت: "سوف يكون هذا
خطير!" "إن لم أعود، يجب أن تصبحى ملكة مكانى."
ثم وقفت .. وقالت: "أنا لا أعرف حقا ما يجري، ولكنى سأفعل كل ما هو فى
صالح روريتانيا، فإذا كان ذلك يعني أن أصبح ملكة، فليكن." قلت: "شكرا لك وكن دعينا نأمل أن ذلك ليس ضروريا." كنت أعرف، مع ذلك، أن هذا كان أكثر من ممكن.
3. على بعد حوالي ثمانية كيلومترات من زندا، وعلى
الجانب الآخر من المدينة إلى حيث تقع القلعة، هناك غابة مورقة على تل منخفض. وعلى قمة التل
يوجد بيت ريفى حديث وكبير يسمى تارلينهيم و الذي ينتمي إلى
أحد أقارب فريتز والذى كان لا يزور البت في كثير من الأحيان ، حتى انه عندما سئله
فريتز عما اذا كان يمكننا استخدامه لرحلة صيد، وافق دون تردد.
4. لذلك، في
اليوم التالي، أنطلقنا ان وسابت وفريتز من العاصمة ووصلنا إلى المنزل الريفي
نحو منتصف النهار، وكان معنا مجموعة كبيرة من الخدم وعشرة من الرجال الشجعان والاقوياء
الذين أثق بهم، وقد أخبرنا هؤلاء الرجال أن مايكل حاول قتلي وأن صديق مقرب
من الملك تم سجنه في القلعة، وعلم الرجال ان مهمتنا هى اطلاق سراحه، ولأنهم شجعان
ومخلصين فلم يلجئوا إلى طرح أسئلة أكثر. ومع ذلك، لم يمر
وقتا طويلا حتى سمع الدوق مايكل عن وصولنا، وبعد ساعة فقط،
وقام بزيارتنا ثلاثة من رجاله الستة المشهورون وهم الروريتانيين: لوينجرام
وكرافستين وروبرت هنتزو، وكنت واثقاً من أنهم يعرفون أننا لم نكن هناك حقا لاصطياد
الحيوانات ولكن لدينا خطة أكبر من ذلك بكثير.
5. اخبرنا أصغر
الثلاثة وأقواهم ، روبرت هنتزو، كيف كان الدوق مستاءاً أننا لم نستطع
الاقامة في قصره، ولكن لسوء الحظ فالدوق والعديد من خدمه أصيبوا بمرض خطير، لذلك
كان أفضل لو بقينا بعيدا. كان خطابه رسمياً ومهذباً، ولكنى لم أصدق أى كلمة مما
قال. قلت له: "أنا
آسف لسماع هذا، آمل أن أخي يشعر على نحو أفضل في وقت قريب. ولكن ماذا عن اصدقائك : دى جوتيت ودى تشارد وبيرسونين؟ سمعت أن دى
تشارد أصيب؟" ابتسم روبرت في وجهي، وقال: "لا داعي للقلق، سوف يكون
دى تشارد على ما يرام ".فقلت: "جيد،
ربما كنت ترغب في البقاء وتناول الطعام معنا؟" فقال روبرت: "أنت
رقيق جدا، ولكن للأسف لدينا واجبات مهمة ونحتاج ان نعود الى القلعة." فضحكت وقلت: "بالطبع ستفعل ذلك، شكرا لكم على حضوركم،
وأتطلع إلى رؤيتكم جميعاً مرة أخرى". وقال سابت عندما ذهبوا: " روبرت هذا هو أسوأ هؤلاء
المجرمين!"
6. في ذلك
المساء، أنطلقت الى
زندا مع فريتز. وكانت رحلتنا، كما نعرف، يمكن أن تكون خطيرة،
ولكنى قمت بتغطية وجهي وشعرنا بالأمان لأن الكثير من الناس كانوا فى الطرقات، ومع
هذا نحن لم نذهب بالقرب من القلعة، ولكن ذهبنا إلى الفندق الريفى حيث كنت قد قضيت
ليلتى الاولى فى روريتانيا. قلت لفريتز: "لقد كنت هنا
من قبل" فقال: "ألن يتعرفوا عليك؟" فقلت: "بالطبع،
فقط افعل كما أقول لك وكل شيء سيكون على ما يرام."
7.
كان معطفى على وجهي عندما دخلنا النُزل وطلبنا تناول وجبة
في غرفة هادئة في الخلف، عندما جاءت ابنة صاحبة النُزل بطعامنا كشفت وجهي حتى
تتمكن من رؤيتي. فصرخت: "أنت الملك!"، و تقريبا
اسقطت الاطباق، وقالت:" أتذكر
عندما بقيت معنا. قلت لأمي أنك لم تكن حقا رجل إنجليزي وانك كنت ملك! أنا آسفة إذا
قلنا أي شيء سيئ عندما بقيت معنا". فقلت: "سوف أغفر لك إذا وعدتِ أن تساعدينا". وأوضحت أننى
أريد أن أرى جوهان. فأوضحت: "إنه لم يعد يأتي أبدا الى هنا،
انه يعمل في القلعة الآن." قلت لها: "لكنكم ما زلتم أصدقاء ويجب عليك أن تطلبى رؤيته، قول
له أن يأتى للقائك ليلة الغد في الساعة العاشرة، ثم أحضريه الى منزلنا، ولا تخبرى
أحداً أنك قد رأيتِ الملك، هل تفهمين؟" "أنت لن تضره، أليس كذلك يا سيدي؟" فوعدتها: "لن أفعل ذلك اذا فعل ما
أطلبه".
8.
لقد وافقت وهى سعيدة، وبعد وجبتنا عدنا إلى تارلينهيم فى
وقت متأخر من تلك الليلة. وعندما كنا ننزل من على خيولنا، خرج سابت مسرعاً من المنزل وصاح: "إذاً
أنتم فى أمان!" فقلت: "نحن بخير، فلماذا لا نكون؟" فقال: "يبدو أن
ركوب الخيل في هذا المنطقة أمر خطير إلا إذا كنت في مجموعة كبيرة. فقد ذهب احد رجالنا،
وهو بيرننستين، وحده في الغابة اليوم، ورأى ثلاثة رجال بين الأشجار واحدهم أطلق عليه النار. انه بالطابق العلوي في السرير وهناك عيار ناري في ذراعه. الرصاصة
القادمة قد تكون لك."
9. كنا نظن أننا
سنكون في مأمن في المنزل الريفي، ولكن كنت على خطأ، ففي اليوم التالي، كنت أستريح
في غرفة المعيشة عندما زار روبرت المنزل وحده. وقال: "لدي رسالة لك، يا راسندل" فأجبت ببرود: "إذا
كنت لا تعرف كيفية التعامل مع الملك فعلى أخي أن يجد رسولاً آخر" فضحك
وقال: "لماذا الاستمرار في التظاهر؟ ونحن نعلم
جميعا من أنت." فقلت: "لكن لا يمكن ان تقول هذا على الملأ، أليس كذلك؟ لأن الناس سوف تعرف
عند ذلك انكم قد اختطفتم الملك الحقيقي، أنت تعرف ان اللعبة لم تنته بعد،
وحتى يتم ذلك سوف تختار اسمى، ولكن، ما هي رسالتكم؟" "الدوق يقدم لك أكثر مما اتوقع، انه يعرض عليك
رحلة آمنة الى الحدود و مليون قطعة من الذهب." "قل للدوق أننى أرفض عرضه السخي. كيف حال
سجينه، بالمناسبة؟" فقال روبرت: "مازال
حياً." فقلت: "ممتاز، الآن أذهب من هنا حيثما
استطعت."
10. نظر روبرت لي نظرة باردة وطلب من خادمه أن يعد حصانه، اصطحبته الى خارج المنزل،
وبينما كان
على وشك الصعود على حصانه، توقف،
وقال: "دعنا نتصافح" خطى ناحيتى وفجأة طعننى في كتفى بسكين، صرخت، ولكن روبرت
هرب بسرعة قبل أن أتمكن من فعل أي شيء.
11.
على الرغم من أن كتفي كان يؤلمنى، كنت محظوظا أنها لم تكن
إصابة سيئة، ولكننى كنت غاضبا اننى تركت نفسي أسقط فى خدعة من هذا القبيل. حُملت
الى السرير وطلبوا منى ان انام، وهو ما قمت به لعدة ساعات. وعندما استيقظت، كان
المكان مظلماً ووجدت فريتز بجانبي. فقال: "يقول الطبيب ان ذراعك سيصبح
أفضل قريبا، والخبر السار هو أن خطتك بدأت تعمل، فالفتاة قد جلبت جوهان الى
المنزل. انه بالطابق السفلي في الوقت الحالي، والغريب في الأمر أننى أعتقد ان
جوهان سعيد لوجوده هنا، يبدو انه يعلم انه اذا نجحت خطة مايكل، سوف يكون هو في
مأزق لأنه يعرف أشياء أكثر من اللازم."
12. جعلني هذا
أعتقد أن جوهان سيكون أكثر فائدة بالنسبة لنا مما كنت أعتقد في البداية. وبالتأكيد
مع الترغيب المناسب، سيكون الجاسوس المثالي بالنسبة لنا؟ ذهبت للطابق السفلي وطلبت
أن أرى جوهان. وكان الحراس أتوا به ويداه مكبلتان خلف ظهره. أجلسته على كرسي، حيث
جلس وهو يبدو عليه الحزن والخوف. وعندما تحدثنا إليه، فهمنا أن جوهان كان رجلا
ضعيفا ولكنه ليس شريراً. وقال انه كان يعمل لمايكل لأنه كان يخافه ليس لأنه يحبه،
وبدا سعيدا وهو يخبرنى أسرار مايكل.
13. قال لنا ان
هناك غرفتين صغيرتين داخل القلعة، والتي يمكن أن تصلهما فقط عن طريق عبور الجسر
المتحرك. وهى غرف منحوتة في الصخر تحت الأرض. واحدة منهما ليس لها نوافذ، لذلك
كانت مضاءة دائما بالشموع. وخلفها كان هناك غرفة ثانية بنافذة صغيرة، حيث كانوا
يحتفظون بالملك مقيداً في سلاسل. ومن النافذة كان هناك ماسورة كبيرة من الحجارة
تؤدى الى خندق القلعة. كانت الغرفة الأولى دائما تخضع لحراسة ثلاثة من الرجال
الستة. قيل لهم أنه إذا هاجم بعض الناس الغرفة الأولى وكان هناك خطر ان يتم
الاستيلاء عليها، يجب ان يذهب دى تشارد الى الغرفة الأخرى ويقتل الملك. وبعد ذلك
يوضع الجسم لينزلق من خلال الماسورة وثقل الأغلال سيُبقى الجسم تحت الماء. ثم
ينادى على باقى الرجال، ويهرب دى تشارد إلى أسفل الماسورة ويسبح عبر نفس الخندق.
ثم يتبعه الرجلين وخيول الدوق سوف تأخذهم إلى بر الأمان. لذلك فإن أي شخص يقوم
بتفتيش القلعة لن يجد شيئا: مجرد غرفة فارغة.
14. سألته: "ماذا
لو هاجم العديد من الرجال القلعة؟" فشرح
لى: "لديهم خطة أخرى، اذا هوجمت القلعة من قبل مجموعة كبيرة من الجنود،
فإنهم سيفعلون الشيء نفسه، ولكن واحد من الست رجال سيحل محل الملك. لذلك عندما يصل مايكل إلى القلعة سيقول انه هو كان فقط
متحفظاً على واحد من الست رجال كسجين لأنه كان وقحا مع أنطوانيت دي موبان، و
عندها لا يمكن لأحد أن يعتقد أن الملك كان هناك أي وقت مضى" فقال سابت بغضب: "انها خطة ذكية جدا، وهذا
يعني أنه إذا هاجمنا القلعة فى هدوء وسرية، أو فى العلن ومعنا جيش عظيم فإن الملك
سيكون ميتا قبل أن نتمكن من انقاذه، أسمع يا راسندل أعتقد أن فى هذا الوقت من العام
القادم، سوف تكون لا تزال الملك".
15. كان نبض قلبى يتسارع عندما افكر اننى سأبقى الملك إلى الأبد، لكن من دون إثبات أن مايكل كان قد قتل الملك الحقيقي، فإن الدوق سيظل هناك في قصره، في
انتظار فرصته لاتخاذ مكاني، لن أكون فى أمان أبداً" سألت جوهان: "هل يعرف الملك شيئاً عن خطة مايكل؟" فقال:
"نعم،
وكذلك أخي ماكس فقد ساعد فى وضع
الماسورة عند نافذة السجن. ليس من السهل ان تنام في قلعة زندا لأنه لا أحد يشعر بالأمان. الجميع هناك مجرمون،
باستثناء الملك."
16. قلت له: "شكرا
لك، يا جوهان، يمكنك العودة إلى القلعة الآن. إذا سألك أي
شخص لو ان هناك سجين في القلعة، يمكنك أن تقول نعم هناك، ولكن إذا سألك أي
شخص من هو السجين فلا تجب، ونحن يمكن أن نساعدك اذا وفيت
بوعودك، وإلا فلن تكون فى أمان مرة أخرى." انحنى جوهان أمامى وهو يغادر، كنا نأمل ان يصح
وثوقنا به، سألنى سابت: "إذاً، ما الذي سنفعله الآن؟"فكرت طويلا وبجدية ثم قلت: "هناك طريقتان لإخراج الملك من زندا حياً، الاولى هو اذا كان لدينا معجزة، والأخرى هى إذا كان أحد الرجال الدوق على استعداد ان يخونه".
ترجمة الفصل
السابع
في اليوم التالي، وصل ثلاثة اخبار الى المنزل الريفي تارلينهيم حيث كنا نقيم، كان الأول أن الناس فى سترلسو قد سمعوا اننى أُصبت أصابة شديدة بينما كنت أصطاد في
الغابة، وانهم
يشعرون بالقلق، وكان
الثانى أن الدوق أيضا أعتقد اننى أصبت بجروح خطيرة، على الرغم من أنه يفهم بشكل
كبير كيف حدثت
لى هذه الإصابة، سمعت هذا من جوهان، الذي أثق فيه الآن، ولذلك سمحت له أن يعود الى زندا، أما الثالث فقد
أخبرنى المارشال ستراكينكز أن الأميرة فلافيا قد أمرته أن يأتى بها لرؤيتي.
عندما وصلت الأميرة الى
تارلينهيم، شعرت بالارتياح عندما رأت أن إصابتى لم تكن خطيرة. ولكن جوهان أخبرنا،
بعد ذلك بقليل، أن الملك يبدو ضعيفا ومريضا، وادركنا أنه علينا أن نفعل شيئا
بسرعة. فنحن لا يمكن أن ننتظر أطول من ذلك وإلا فمن المؤكد أنه سيموت. وربما كان
أغرب شيء في تاريخ أي بلد، أن شقيق الملك وشخص يتظاهر أنه الملك، بالقرب من بلدة
ريفية هادئة خلال وقت السلم، يخططون لحرب من أجل حياة ملك مريض، مع عدد قليل من
الناس يعرفون هذا الأمر.
في تلك الليلة، بعدما ذهبت الأميرة فلافيا الى
النوم، بدلت ملابسي، وذهبت إلى الخارج للانضمام إلى ثابت وفريتز مع سبعة رجال.
وكنا جميعاً مسلحين، تحركنا بخيولنا فى ليلة رطبة وعاصفة، أخذنا طريق خلفى هادئ
متجهاً نحو قلعة زيندا. استغرق الأمر منا حوالي ساعة للوصول إلى هناك. وعلى بعد
بضع مئات من الأمتار من القلعة، طلبنا من الرجال السبعة الانتظار مع الخيول بينما
واصلنا سيرنا على الأقدام من أعلى التل إلى الخندق المائى حول القلعة. هنا، ربط
ثابت حبل فى شجرة، وخلعت حذائي لاستخدام الحبل للنزول إلى أسفل فى الماء.
على الرغم من أن الليل
كان عاصف ورطب، فقد كان يوماً حاراً ومشمّساً لذلك لم يكن الماء بارداً، وسبحت دون
صعوبة حول جدران القلعة. كنت أسمع أصواتاً داخل القلعة، ولكن كان المكان مظلماً
لذلك لا أعتقد أن أي شخص كان فى استطاعته أن يرانى. تذكرت ما اخبرنى به جوهان
واعتقدت انه من المؤكد اننى الآن بالقرب من نافذة الغرفة التى بها الملك. ثم، رأيت
الماسورة العملاقة التي كانت تصل نافذة غرفته بالخندق، وكنت على وشك الإقتراب اكثر
عندما سمعت ضوضاء.
الآن رأيت ان هناك قارب
بجوار الماسورة، وفي القارب كان هناك حارس يحمل بندقية كبيرة. ذهبت إلى القارب
بهدوء ما أمكننى، ثم رأيت أن الحارس كان ماكس هولف، شقيق جوهان. أنه كان يتنفس
ببطء وعمق، وفهمت أنه كان نائماً. سبحت ببطء وفي صمت حتى وصلت عنده، وعلى الرغم من
كراهيتي للقيام بذلك، لقد كانت هذه حرب، لذلك طعنته حتى الموت.
الآن
لدى الوقت لفحص الماسورة بعناية. سرعان ما أدركت أن الجزء السفلي من الماسورة لم
يكن مثبتا فى الجدار، واستطعت ان أرى ضوءاً قادماً من طرفها البعيد. حاولت أن
ادفعها، وعلى الرغم من أن الماسورة كانت ثقيلة جداً، فقد تحركت قليلاً فقط. ثم
سمعت صوتان: كان أحدهما الملك، والآخر كان رجلاً بلهجة إنجليزية. إنه ديتشارد. قال
الإنجليزي: "حان وقت نومك". وقال الملك بصوت ضعيف: "لماذا لا
يقتلني أخي الآن؟". فقال ديتشارد: "الدوق لا يريدك أن تموت، ليس بعد على
أي حال. نم بشكل جيد! ". ثم اختفى الضوء وسمعت صوت بابٍ يقُفل. الآن كل ما
يمكن أن أسمعه كان الملك، يبكي بصوت منخفض.
أدركت أنه لا يمكننى فعل
أى شئ آخر في تلك الليلة، لذلك قفزت في القارب مع ماكس وكان ميتاً فوضعته في الجزء
السفلي، وجدفت عائداً مرة أخرى إلى الحبل. كانت الرياح تهب بشدة الآن، حتى أننى لم
أقلق من أن أي شخص قد يسمع القارب. عندما وصلت إلى جوار الحبل، ربطته حول جسم
ماكس، وطلبت من ثابت أن يسحب القارب لأعلى. ثم تركته عائداً مرة أخرى إلى أصدقائي.
قام ثابت بالصفير لرجالنا السبعة ليأتوا ويأخذوننا بخيولهم، ولكن عندما اقتربوا
منا سمعنا عدة طلقات وصرخات عالية، وبعد ذلك صاح صوت: "لقد اصابونى يا روبرت!
وهناك سبعة منهم. أنقذ نفسك! "
كنا نجرى نحو رجالنا
عندما وصل حصان عليه روبرت هينتزو. وكان المكان مظلماً حتى أنه لم يرانا، فأخذت
عصا كبيرة، وركضت إلى الأمام نحو رأس الحصان. الآن، كان من المؤكد أننا تمكنا منه!
ولكنه كان سريعاً جداً. فقد لوح بسيفه في وجهي، وقطع عصاى نصفين. أخذت خطوة إلى الوراء، وقبل ان نعرف ما
يحدث، كان قد اختفى في الظلام. اكتشفت فيما بعد أن لوينجرام وكرافستين كلاهما قد
قُتل بواسطة رجالنا، على الرغم من أن هذه المعركة قد كلفتنا ثلاثة من رجالنا.
ذهبنا الى المنزل بقلوب موجوعة بسبب اصدقائنا، يساورنا القلق بشأن صحة الملك،
وغاضبين من أن روبرت قد هرب.
وفي اليوم التالي تلقيت
زيارة من "رئيس الشرطة" في ستريلسو. واخبرنى أن "السفير
البريطاني" أبلغه أن رجلاً إنجليزياً يدعى راسينديل قد اختفى قُرب مدينة
زيندا. وقد وجدوا أمتعته في محطة قطار قريبة، وأدعى رجل يدعى السيد فيزيرلي من
باريس أنه كان مسافراً مع مدام دي موبان. وسأل إذا كنت أعرف السيدة. فأجبته:
"نعم، أعرفها. أعتقد أنها وخدمها كانوا ضيوفاً عند الدوق مايكل". فقال
الشرطي: "أفهم ذلك". فقلت له: "عليك ان تعود إلى ستريلسو وتخبر
السفير بما تعرفه. سوف ننظر في هذا من اجلك ". "سنعود في غضون أسبوعين،
وسوف أخبركم ما قد وجدت". أردت أن يكون امامى على الأقل أسبوعين دون أي أسئلة
أكثر صعوبة. تقريبا قد أُكتشفت لعبتي.
لكن، مع وجود الشرطي في
المدينة فى ذلك اليوم، لا يمكن أن يكون هناك قتال مرة اخرى حول القلعة، وشعر روبرت
بوضوح أنه فى أمان بما يكفي للخروج راكباً على جواده. عندما رأيته، لحقته بسرعة.
كان يبدو مندهشاً لرؤيتى. سألته: "كيف حال أخي اليوم؟". فأجاب: "هو
بخير، كما أنه يأمل أن يكون قريبا في ستريلسو". قلت له: "روبرت، أنت
مازلت شاباً. لماذا تفعل هذا؟ إذا تركت السجين حراُ، يمكننى أن اساعدك، لم تكن
مضطراً للعمل من أجل شقيقي". نظر روبرت أمامه، ولم يقل شيئاً لمدة دقيقة، ثم
تكلم بهدوء.
"قد تكون على حق. هاجم
القلعة بشجاعة. سأقول لك متى. ولكن يجب أن يموت فريتز وثابت، وكذلك يجب أن يموت
مايكل والملك. وهذا سوف يترك رجلان على قيد الحياة: أنت وأنا. ستبقى انت كملك،
وسآخذ أنا المكافأة" سألته: "هل حقاً ستعمل ضد مايكل؟". فأجاب:
"انه ليس رجل جيد، أنه يجعلني غاضبا. وكنت على وشك قتله بنفسي الليلة
الماضية. فكر بعناية فى خطتي". وبعد ذلك، انطلق بحصانه فى طريقه.
في وقت لاحق من ذلك اليوم،
لاحظ ثابت اننى كنت مستغرقا في الفكر، ولكنى لم اخبره فيما كنت افكر. كان هناك
طرقاً على الباب، إنه صبي يحمل رسالة لي. كانت الرسالة تقول: يوهان سوف يأخذ هذه
الرسالة من اجلى. لقد حذرتك من قبل. اكتشف الدوق أننى قد ساعدتك في تلك الليلة في
المنزل الصيفى. وهو الآن يتحفظ علي كسجين في قصره نظراً لأنه لا يمكنه الوثوق بى.
من فضلك، إذا كنت تستطيع، انقذنى من بيت القتلة هذا. أنطوانيت دو موبان
ماذا يمكن أن أفعل؟ مضى
الوقت وكنت أعلم أنه، الآن، لا يمكننى أن أفعل شيئا لمساعدة مدام دي موبان أو
الملك. وسرعان ما سمعت أن الناس في ستريلسو لم يقبلوا حقيقة بعدى عنهم لفترة
طويلة. وللحفاظ على سعادتهم، أخبرهم رُسلى أننى و فلافيا قد رتبنا موعد زفافنا،
وهو الخبر الذي قوبل بفرح عظيم.
ومع ذلك ليس الجميع كان
يريد أن يعرف هذه الأخبار، أخبرنى جوهان أن الدوق كان غاضباً عندما سمع عن حفل
الزفاف. وفي الوقت نفسه، أصبح الملك مريضاً جداً حتى أن الدوق طلب طبيباً لفحصه.
نصحه الطبيب بأن يحرر الملك فى الحال، ولكن الدوق رفض، مضيفاً أن الطبيب سيضطر ان
يبقى معه حتى يتحسن او يموت، أيهما يأتي أولاً. اخبرنى جوهان أيضا أن أنطوانيت دو
موبان تساعد فى العناية بالملك، الذي كان يحرسه اثنان ممن تبقى من "الرجال
الستة" في جميع الأوقات.
على الرغم من أن جوهان لا
يريد العودة إلى القلعة، دفعنا له جيدا لكى يعود ويتصرف كجاسوس لنا. اكتشفت من
جوهان اماكن اقامة جميع الناس اثناء الليل في القلعة والقصر، ومن لديه مفاتيح
الأبواب. قلت لجوهان: "سأعطيك خمسين ألف قطعة من الذهب إذا فعلت ما أطلب منك
ليلة الغد، سمعت أن هناك خدم جدد في القلعة. هل يعرف هؤلاء الخدم ان الملك سجين
هناك؟ " فأجاب: "لا، لا يعرفون من هو السجين". سألته: "إذاً
لو رأونى، لظنوا اننى الملك؟". "نعم، سوف يظنون ذلك يا سيدي."
"جيد، ليلة الغد أعطي هذه الرسالة إلى أنطوانيت دو موبان، ثم، في الثانية
صباحاً، أفتح الباب الأمامي للقصر، ولا تطرح مزيد من الأسئلة، اذهب الآن. "
عندما سمحت له بالانصراف،
اخبرت ثابت وفريتز عن خطتي. أنها فرصتنا الوحيدة لإنقاذ الملك. سيأخذ ثابت بعض
الرجال إلى الباب الأمامي للقصر. عندما يفتح جوهان الباب، سيدخلون بسرعة ويربطون
الخدم إذا لم يريدوا مساعدة الملك. وفي الوقت نفسه سوف تصرخ مدام دي موبان من
غرفتها للحصول على مساعدة. سيأتي الدوق بالتأكيد لمعرفة ما يحدث، وعندها يمكننا أن
نأخذه. ومن ثم لن يبقى هناك سوى رجلان فى حراسة الملك، وعندها علينا أن نتحرك
بسرعة قبل أن يؤذوه .
وفي الوقت نفسه، يجب ان
يُملأ المنزل في تارلينهيم بالأضواء والموسيقى لكى يعتقد الناس أن هناك حفلة.
سيقوم المارشال ستراكينكز بحراسة المنزل والأميرة وإذا لم نعود، في اليوم التالي،
سوف يسير بالجيش إلى القلعة ويطلب ان يرى الملك في الحال. وإذا لم يكن الملك هناك،
فعليه أن يعود سريعاً بالأميرة فلافيا إلى العاصمة حيث ستصبح ملكة.
لذا،
تلك الليلة، في منتصف الليل، أخذ ثابت رجاله إلى القصر. انطلقت وحدى فى طريق مختلف
للقلعة، مرتدياً ملابس تبقينى دافئاً، ومعى أسلحة وحبل. وبعد نصف ساعة عدت الى
جوار الخندق. تركت حصانى وبندقيتى بين بعض الأشجار، وربط بعض الحبل فى شجرة أخرى،
وقفزت في الماء مرة أخرى. سبحت مرة أخرى إلى الماسورة أسفل النافذة، ولكن الآن تم
تثبيت الماسورة على الجدار ولم يظهر أي ضوء. نظرت إلى القصر ورأيت أن الأضواء كانت
مضاءة فى نوافذ غرفتى الدوق ومدام دي موبان.
ثم، سمعت أصواتاً ورأيت
روبرت يسير نحو القلعة على الجسر المتحرك مع دي جوتيت. وقال روبرت: "دعنا
نعبر قبل أن ترفعوا الجسر المتحرك لهذه الليلة". عبروا الجسر، وبعد فترة
وجيزة، رُفع الجسر. وبعد بضع دقائق عاد روبرت وحده. نظر حوله ثم بهدوء نزل على بعض
السلالم الخفية إلى الخندق وسبح عبره. ثم تسلق بعض السلالم المقابلة واختفى مرة
أخرى داخل القصر. ماذا كان يفعل؟ يبدو أننى لم أكن الوحيد الذي لديه خطة لتلك
الليلة المظلمة الدافئة.
ترجمة الفصل الثامن
كان الجو بارداً اثناء
انتظارنا في مياه الخندق، ولذلك عندما اختفى روبرت داخل القصر، قفزت للخارج ببطء
وانتظرت بجوار بوابة الجسر المتحرك بجوار القلعة، الآن فقط بقى ديتشارد وبيرسونين
و دي جوتيت لحماية الملك في سجنه، تمنيت لو كان معى مفاتيح غرفة الملك، ولكنى كنت
أعلم أنه يجب علي التحلي بالصبر.
لقد كانت ليلة هادئة،
وكانت الساعة حوالي الواحدة في الصباح عندما كان هناك ضجيج مرتفع من القصر، نظرت
إلى أعلى في أحد النوافذ، ورأيت ظل إنسان يسير على الأقدام عبر الضوء, وصاحت
إمرأة: "النجدة! ساعدني يا مايكل!" لقد كانت أنطوانيت دو موبان. وكان
هذا بالضبط ما قد طلبت منها أن تقوله في رسالتي لها، ولكنه كان مبكراً جداً لنحو
ساعة، وكان قبل أن يصل أصدقائي إلى الباب الأمامي للقصر، وقبل أن يحين الوقت
لجوهان لفتحه. سحبت سيفى، ووقفت على أُهبة الاستعداد لما يمكن أن يحدث. ثم سمعتها
تنادى مرة أخرى قائلةً: "ساعدنى يا مايكل! إنه روبرت هينتزو!"
لابد أن مايكل سمع
أنطوانيت دو موبان تستغيث، لأننى سمعته بعد ذلك يجرى لمساعدتها هو و خدامه، والآن
كان هناك جدال بصوتٍ عالٍ، سمعت روبرت يقول: "هذه المرأة كتبت رسائل سرية إلى
راسينديل! يجب معاقبتها!" وسمعت مايكل يقول: "إنها ضيفتى، وأنت هو من
يحتاج إلى معاقبة!" وكان هناك صراخ وبدأ قتال صاخب بالسيف في الغرفة. كان من
الصعب أن أرى ما يحدث، ولكن فقط رأيت روبرت وجوهان من خلال النافذة. وصاح روبرت
قائلاً: "هذا لك، يا جوهان!" ، وكان يلوح بسيفه في وجهه. "فأنا
أعلم أنك كنت جاسوس لراسينديل!" ماذا حدث لجوهان؟ ماذا لو أنه أصيب بأذى؟ كيف
سيتمكن من فتح الباب لرجالنا؟ من الضجيج داخل الغرفة يبدو أن روبرت كان يقاتل الآن
كثير من الرجال. ومن المؤكد أنه سوف يتم القبض عليه. ومع ذلك، في اللحظة التالية،
كان هناك صرخة مدوية وقفز روبرت من النافذة ثم إلى أسفل إلى الخندق أدناه، حيث أنه
سبح بعيداً. وبطريقةٍ ما، هرب.
وبعد دقيقة واحدة ظهر دي
جوتيت أمامي، لذلك ضربته بسيفى، فسقط على الأرض ميتاً، وبسرعة بحثت فى ملابسه لأجد
المفاتيح: كان هناك ثلاثة مفاتيح. أخيراً يمكننى أن أدخل الغرفة حيث كان يجري
الاحتفاظ بالملك السجين. عندما فتحت الباب الأول، وجدت نفسي في الجزء العلوي من
بعض السلالم التي كانت تؤدى إلى غرفة مظلمة وباردة. الضوء الوحيد كان قادماً من
شمعة صغيرة في أحد الزوايا. وبينما كنت انزل على السلالم، كنت فقط أسمع أصوات
قادمة من الغرفة حيث يحتفظون بالملك، خلف باب ثاني. وبينما كنت أمشي بعناية نحو
الباب، خَطوت للخلف بسرعة عندما تم فتحه فجأة. والآن تمكنت من الاستماع إلى حديث
ديتشارد: "لا يجب أن نقتله الآن وإلا سوف تكون هناك مشكلة". وعندها ظهر
شخص آخر فضربته بسيفى. لقد كان بيرسونين، والذي سقط على الأرض فجأة.
عندما أدرك ديتشارد أن
هناك خطر، أغلق الباب سريعاً: الآن بالتّأكيد كان هو وحده في الغرفة مع الملك
وتذكّرت أنا خطتهم، فعرفت أن الملك كان في خطر حقيقى. أخذت واحداً من
المفاتيح وسريعا فتحت باب الغرفة الثانية
بعصبية. أعتقد أننى توقّعت أن أرى الملك كان قد قُتل بالفعل ولكن عندما دخلت
الغرفة فقد انتابنى شعور بالارتياح عندما وجدت طبيب الملك يمسك بديتشارد. كان
الملك
ضعيفاً من المرض وكان مقيداً بالسلاسل فى أحد الزوايا، وكان ينظر في خوف. ولكن
الطبيب كان أضعف من أن يمسك بديتشارد لفترة طويلة، وقبل أن استطيع مساعدته، فر ديتشارد
وقتل الطبيب المسكين بسيفه.
إستدار ديتشارد ناحيتى
وقال: "أخيراً!"، فرفعت سيفى وكان من حسن الحظ أن ديتشارد لم يكن معه
بندقية. بدأنا نتقاتل. كان مبارزاً أفضل منى بكثير فهو يعرف كل الحيل: ابتسم عندما
أصابنى فى ذراعى، وكنت قريباً من الموت إذا لم يساعدنى الملك الذى صاح قائلاً:
"ابن عمي رودولف!"، كما لو أنه أدرك الآن فقط من أكون. أنتقل إلى
الأمام، ودفع جسم ديتشارد برجلى كرسى. ناديته: "إدفع بقوة!، إدفع ضد
ساقيه!" وبوجود رجلى الكرسى ضده، وجد ديتشارد صعوبة في الوقوف. وجعله هذا
غاضبا، فضرب الملك ضربة قوية بسيفه، ولكن عندما كان يفعل ذلك، سقط على جسم الطبيب.
فكان من السهل لي أن أقتله لأنه كان يرقد على الأرض.
هل مات الملك أيضاً؟ جريت
إلى حيث كان يرقد. كم كان سعادتى عندما تأوه الملك، فعلمت أنه كان على قيد الحياة.
ولكن قبل أن أتمكن من مساعدته سمعت روبرت في مكان ما خارج
سجن الملك ينادي قائلاً: "هيا، يا مايكل! دعنا
نتقاتل!" قمت بتمزيق قطعة من قميصى لكى اعمل ضمادة للإصابة التى كانت فى
ذراعي، وفتحت باب السجن بهدوء، ونظرت للخارج. كان الجسر المتحرك الآن موضوعاً مرة
أخرى. كان روبرت يقف في منتصف الجسر بسيفه، بينما كان الباب المؤدى الى القصر في
الجانب الآخر من الجسر المتحرك يحرسه بعض الخدم يبدو عليهم الرعب، وكذلك جوهان،
الذى كان من دواعي سروري أن أراه ولم يصب بأذى. ثم صاحت أنطوانيت دو موبان غاضبةً
من وراء الخدام: "لقد مات الدوق، لقد قتلته بالفعل!" فصاح روبرت: "تقولين
مات!، هذا أمر جيد، إذاً أنا زعيمكم الآن، ضعوا أسلحتكم وافعلوا ما أقول ".
بدلاً من وضع أسلحتهم قام
الخدم، بالرغم من ذلك، بالسماح لأنطوانيت دو موبان بالسير على الجسر، وكانت تصوب
ببندقية تجاه روبرت. ولكن قبل أن يحين الوقت لتطلق النار – إذا كانت، في الواقع،
تعتزم ذلك – قفز روبرت مرة أخرى بسرعة في الماء تحت الجسر. سمعت أصوات أكثر،
وأدركت أن ثابت ورجاله قد وصلوا أخيرا إلى الباب الأمامي للجانب الآخر من القصر.
شعرت بالثقة فى أن الملك أصبح في مأمن، فركضت خلف روبرت وقفزت أيضا فى الماء. كان
يسبح أسرع مما يمكننى مع ذراعي الجرحى، وبسرعة سبح إلى حيث كان الحبل مربوطاً إلى
شجرة فوق الخندق. بدت عليه الدهشة ولكنه كان مسروراً لرؤية الحبل وصعد بسرعة
لأعلى. وكنت، ربما، وراءه بدقيقة واحدة، وعندما وصلت الى الجزء العلوي من الحبل،
أستطعت أن أراه يلوذ بالفرار داخل الغابة. وفي مرحلة من المراحل، رأيته ينظر إلى
الوراء ناحيتى. أظن أننى رأيته يلوح لى، كما لو كنا فى لعبة، كما لو كان يعلم أننى
لن أمسك به أبداً.
ركض كلانا أبعد وأبعد في
غابة زيندا، حتى سمعت صرخة أخرى. ماذا فعل روبرت الآن؟ وسرعان ما اكتشفت أنه وجد
صبي يركب حصان متجهاً إلى السوق، وقد جره من فوق الحصان بسرعة وأخذ مكانه. كان
روبرت يحاول أن يُهدأ الصبي بإعطائه بعض المال، وهذا أعطاني الوقت للحاق به. صرخت
قائلاً: "قف مكانك!". نظر لي وابتسم. وتساءل: "ماذا كنت تفعل في
القلعة؟". قلت له: "لقد تأكدت من أنك أنت آخر الرجال الستة"، فسأل
باستغراب: "هل يعني ذلك أنك وصلت الى داخل سجن الملك؟". "نعم
فعلت". "وما الذي حدث للملك؟" قلت له: "لقد أصيب، ولكنه على
قيد الحياة" فقال: "لماذا لم تتبع خطتى؟ نحن يمكن أن نعمل معا بشكل
جيد." فقلت: "أنزل من فوق حصانك وقاتلنى كرجل".
جريت
ناحية روبرت بسيفى، ولكنه كان لا يزال على جواده، فدفعني
بسهولة بعيداً بسيفه. ركضت باتجاهه مرة أخرى، وتمكنت من قطع خده، لكنه الآن اتجه
ناحيتى شاهراً سيفه. كان من المؤكد اننى سأُقتل، ولكن في تلك اللحظة كان هناك صرخة
فقد وصل على حصان آخر وكان يحمل مسدساً. توقف روبرت ونظر إلينا. وقد فهم أنه لا يمكنه
محاربتنا معاً، ولذلك استدار بحصانه وهرب بأسرع ما يمكن. قلت لفريتز: "أذهب
خلفه!". ولكن فريتز كان ينظر الي، وليس لروبرت. وقال: "سيدي، أنت لا
تبدو بخير." ، وفجأة شعرت أننى ضعيف جداً. ترجل فريتز عن جواده وركض ناحيتى
فقد كنت أسقط على الأرض. سألته بضعف: "هل نجى الملك؟". قال فريتز:
"بفضلك، هو كذلك. ولكنك مصاب بجروح. هيا، اسمحلى أن أساعدك. " وقريب
منا، كان الصبي ينظر الينا بعيون واسعة. وقال مشيراً إلي: "أليس ذلك هو
الملك؟". ولكن فريتز تجاهله.
وبعد استراحة طويلة، شعرت
أننى أصبحت متماسكاً بما يكفي لأعود سيراً، أستندت بشدة على ذراع فريتز. علمت
لاحقاً من فريتز وانطوانيت دو موبان ما حدث تلك الليلة في القلعة والأحداث التي
أدت إليها. منذ بضعة أشهر في وقت سابق، قابل الدوق أنطوانيت دو موبان في باريس
وطلب منها أن تحضر إلى روريتانيا لرؤية التتويج. كانت تحترم الدوق، وكانت مسروره
أن تكون ضيفة عليه. ومع ذلك، قام بعض خدم الدوق بالتصريح لخدمها عن طموحات الدوق
فى أن يكون الملك. لم تقبل خططه الشريرة، وقررت أن تحذرنى من كل ما يريد أن يفعل.
وعندما اكتشف الدوق أنها حذرتنى ونحن في ستريلسو، خدع أنطوانيت دو موبان بدعوتها
وخدمها إلى قصره. وعندما وصلت هناك، تأكد من أنها لا تستطيع المغادرة لكى يمنعها
من أن تخبر أي شخص عن خطته.
لحسن الحظ، مع وجود جوهان
كجاسوس لنا، كانت أنطوانيت لا تزال قادرةً على إرسال رسائل لنا ويمكننا استخدام
مكانها في القلعة لمساعدتنا. ومع ذلك، وبطريقة ما، اكتشف روبرت انها كانت تساعدنا،
ولذلك أراد أن يعاقبها؛ ومن قبيل الصدفة أنه اختار الليلة ذاتها التي قمنا نحن
فيها بمهاجمة القلعة. وعندما
جاء مايكل لمعرفة ما كان يحدث، قتله روبرت في المعركة التي تلت ذلك. يبدو أن روبرت
أعتقد أنه بدون الدوق، سأظل أنا بالفعل كملك وعلى نحو ما سوف أكافأه على عمله
الشر. أنه لم يفهم أننى كنت أتظاهر بأننى الملك لخير روريتانيا: أنه كان يعتقد
أنني أردت أن أكون ملكا إلى الأبد.
ولأن جوهان كان يساعد
الدوق، لم يستطع أن يفتح الباب الأمامي لثابت ورجاله في الثانية صباحاً، واستغرق
ذلك وقتاً طويلاً قبل أن يتمكنوا اخيراً من دخول القصر. وهذا هو ما فعلوه أثناء
هروب روبرت من أنطوانيت دو موبان. وسرعان ما وجد ثابت الملك مُلقى على الارض في
سجنه، كان مصاباً ولكنه لا يزال على قيد الحياة. تم نقله، ووجهه مغطى، إلى القصر،
حيث ساعدت أنطوانيت فى الاعتناء بالملك المسكين حتى وصول طبيب آخر. ومن ناحية
أخرى، جاء فريتز يبحث عنى، عندما علم أننى أنطلقت إلى الغابة وراء روبرت.
وعندما كانوا فى القلعة
مرة أخرى، اضطر العقيد ثابت أن يطلب من جوهان وانطوانيت دو موبان أن يحفظوا سر
الملك الحقيقي. فرجاله وخدامه يعتقدون أن الملك قد أصيب أثناء إنقاذ السجين، والذي
ذهب وراء روبرت هينتزو. تم إرسال الأخبار إلى تارلينهيم لإخبار الأميرة أن الملك
أصيب ولكنه على قيد الحياة، وأنه ينبغي عليها أن تنتظره في تارلينهيم. كما سمع
الناس فى ستريلسو أن الملك الشجاع تقاتل مع أخوه لأنه قد أبقى سجيناً في زيندا
والذي كان صديقاً للملك. حاول الدوق أن يقتل الملك، الذي أصيب بجروح، ولكن الدوق
الشرير توفي.
ومع ذلك، لم تُرِد
الأميرة فلافيا الانتظار في تارلينهيم، فطلبت من المشير ستراكينكز أن يأخذها إلى
زيندا فى الحال لكى تتمكن من رؤية الملك. كان موكبها يقترب من القلعة عندما كان فريتز
عائداً بى من الغابة. عندما شاهدنا الموكب، أختبئت بسرعة خلف شجرة، ولكننا لم ندرك
أن الصبي صاحب الحصان الذي أخذه روبرت كان قد اتبعنا. وكان منفعلاً جداً ونادى:
"أيتها الأميرة! الملك هنا، خلف هذه الشجرة! " حاولنا إبقاء الصبي
هادئاً، ولكن الوقت كان قد فات. توقف موكب الأميرة واستطعت أن أرى المشير يميل من
نافذة المركبة للتحدث إلى الصبي. قال ستراكينكز: "ما تقوله هو هراء، يرقد
الملك مصاباً في القلعة". "لا، حقاً، إنه هنا. لقد حارب الرجل الذي أخذ
حصانى
".
في هذه اللحظة، خرج ثابت
من القلعة لمقابلة الموكب. فقال ستراكينكز إلى ثابت بنظرة غريبة: "هذا الصبي
يقول أن الملك هناك خلف تلك الشجرة.". فقال ثابت وهو يبتسم: "لا، إنه في
القلعة خلفى.". فقال الصبي: "ارجوك، تعال وانظر إذا كنت لا
تصدقنى.". اختفت الابتسامة من وجه ثابت وبدا عليه القلق، قبل أن يقول بسرعة:
"سوف ارى". وقالت الأميرة: "اسمح لي أن آتي أيضا.". فكر ثابت
للحظة، ثم قال بهدوء، "إذاَ تعالى وحدك." ساعدوا الأميرة لتترجل من
الحافلة. ثم سارت مع ثابت عبر العشب تجاهي. كنت جالسا خلف الشجرة، واضعاً يدي على
وجهي. وكان فريتز يضع يده على كتفي.
عندما رأتنى الأميرة
فلافيا الأميرة، ركضت نحوى وصاحت: "أنه أنت! هل انت مصاب؟ " لم أقل أى
شيء، لذلك نظرت الى ثابت، وقالت: "ما هذه اللعبة التي تلعبونها؟" فقال
ثابت بهدوء: "هذا ليس الملك.". قالت الأميرة "ماذا تقصد بأنه ليس
الملك؟". فقال ثابت مرة أخرى: "هذا ليس الملك.". فصاحت فلافيا:
"أنه هو الملك!، أنه وجهه! رودولف، أنظر إلي! ما الذي يحدث؟ " نظرت في
عينيها، وقلت: "سامحينى سيدتى، أنا لست الملك." أندهشت الأميرة وخافت
وفهمت أنها لا تعرف ماذا تقول. قال ثابت بلطف للأميرة: "تعالى، لقد حان الوقت
لتدخلى القلعة. لدينا الكثير لنناقشه.". شاهدتها وهى تمشى بعيداً. الآن كانت
لعبتى تقريبا في نهايتها.
طوال ذلك اليوم، انتظرت
أنا وفريتز في الغابة بينما بقيت الأميرة في القلعة مع الملك. وفي تلك الليلة،
عندما حل الظلام، أخذنى فريتز إلى القلعة حيث مكثت، بعيداً عن مرئى الجميع، في
الغرف التي قد تم سجن الملك فيها. جوهان جلب لي الطعام وقال لي كل ما يعرفه. الملك
كان يتحسن، ورأى الأميرة حيث أتت مع ثابت، وقد عاد المارشال ستراكينكز إلى
ستريلسو. وقال جوهان أيضا أن الجميع كان يتحدث عن سجين زيندرا الغريب ومن يمكن أن
يكون. البعض قال أنه صديق إنجليزي للملك والذي كان قد سمع عن خطط الدوق، ولذلك
حبسه الدوق لكى يمنعه من التحدث إلى الملك.
في وقت لاحق من هذا
المساء، جاء لي فريتز وقال أن الملك يريد أن يراني. فذهبت إلى غرفته، حيث كان يرقد
في السرير وهناك طبيب بجواره. كان ضعيفا ومتعبا، لكنه ابتسم عندما رآنى:
"ابن عمى! صديقي! أنت أصبت أيضاً. نحن دائماً مثل بعضنا، أنت وأنا!"
ابتسمت، وانحنيت أمامه. وقال: "أريد أن أشكرك، كنت أأمل أن غدا ستأتي معي إلى
ستريلسو وأخبر الجميع عن الأشياء الشجاعة الذي قمت بها، ولكن ثابت يقول أن هذا غير
ممكن". "أنه على حق، سيدي الرئيس. لقد أكتمل عملي في بلدكم ."
"جيد جداً، سوف أعود إلى ستريلسو وحدى. الناس يعرفون أن الملك كان قد أُصيب ،
ولذلك لن يندهشوا لرؤيتي وأنا أبدو مختلفاً قليلاً. ولكنك علمتنى شيئاً ما، يا ابن
عمى رودولف. لقد بينت لي ما ينبغي أن يكون عليه الملك الحقيقى.". فقلتُ:
"سأكون سعيداً إن ساعدتك مرة أخرى، يا سيدي.". وكنت أعني ذلك، ودار فى
فكرى أننى ربما أُضطر لذلك. فلا أحد يعرف أين اختفى روبرت، والتفكير فى الرجل الذي
هزمنى تقريبا، كان لا يزال يجعل قلبي ينبض بصوت أعلى في صدري.
وقال الملك:
"الأميرة طلبت أن تراك، أيضاً. قد تأتي الآن." همست قبل وصولها:
"وهل هى تعرف كل شيء؟". فأجاب الملك: "نعم.". دخلت الأميرة
إلى الغرفة وأنحنيت لها. بأسلوب ليس بالخشن قالت: "يبدو أنك خدعتنى.".
قلتُ: "أود أن اعتذر لكِ عن هذا".. فقالت: "لا تحتاج إلى الاعتذار.
بل يجب أن أشكرك على كل ما قمت به من أجل روريتانيا.". قلت لها: "لقد
تعلمت كل شيء عن الواجبات والمسؤوليات، أنه درس لن إنساه أبداً". فأجابت:
"ونحن لن ننسى ابدأ كيف ساعدت الملك.". انتسم الملك، ثم غلق عينيه وغط
في النوم، وقال الطبيب أنه من الأفضل لو تركته وذهبت. انحنيت، وتركت الناس الذين
سيشكلون مستقبل روريتانيا، لا أعرف أن كنت سوف أرى الملك، أوالأميرة – أو روبرت –
مرة أخرى فى أي وقت لاحق.
وبعد بضع ساعات، انحنى
ثابت وفريتز أمامى عندما صعدت على متن قطار في محطة صغيرة بالقرب من الحدود مع
روريتانيا. ومن المؤكد أن الركاب الآخرين على متن القطار قد لاحظوا أن شخصاً مهماً
يرتدى معطف كبير وقبعة كان على وشك مغادرة بلدهم، لكنه كان انا فحسب، رودولف
راسينديل، رجل إنجليزي.
عندما عدت أخيرا إلى
إنكلترا، كان علي أن أقدم بعض التوضيحات. أخبرنى أخي روبرت وزوجته روز أن الجميع كانوا يبحثون عني. وأصيبت روز بخيبة
أمل كبيرة عندما أخبرتها أننى لم أكتب كتاب. فقالت: "على الأقل ما زال السفير
لديه وظيفة لك، أنه يعرف الآن البلد الذي
سوف يتم إرساله إليه". سألت: "أين ذلك؟". "روريتانيا.
السيد جاكوب بورديل سيكون السفير البريطاني في ستريلسو". قلتُ: "لا
أعتقد أنها ستكون فكرة جيدة بالنسبة لي للعمل هناك". بكت روز: "ولكنك
وعدت أنك ستقبل هذه الوظيفة!". قلت: "أنتِ محقة، ولكن أنظرى لهذا".
أظهرت لهم صورة في إحدى الصحف والتي تظهر تتويج الملك. كانت صورتى مع ثابت وفريتز
ومايكل والأميرة. نظرروبرت وروز إليها في ذهول. وقالت روز: "نعم، تبدو شبيهاً
جداً بملك روريتانيا، ولكن هذه مجرد ذريعة. يمكنك أن تصبح سفيراً يوماً ما! إذا لم تذهب، لن تكون أبداً
أي شخص مهم".
ومع هذا، عرفت أننى لم
أكن في حاجة للذهاب. لقد كنت شيئا أكثر أهمية من سفير: لقد كنت ملك. تذكرت وفهمت
تلك الكلمات التى قالتها روز لي طوال تلك الأشهر التى مضت: أى شخص ذو مكانة في
المجتمع لديه مسؤوليات. ولكن حتى بدون مكانة في المجتمع، علينا جميعا واجب
مساعدة الآخرين عندما نستطيع، ونحن جميعا نصبح أفضل لقيامنا بذلك.
النهاية
ترجمة للاستاذ الفاضل ابراهيم السعداوى
1 comment:
لابنائى طالبات وطلبة الصف الثالث الثانوى الترجمة هذه تختلف عن نص الوزارة فقد تم حذف بعض التفاصيل وتعديل البعض
الاخر
Post a Comment